قوله تعالى : { رُدُّوهَا عَليَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بالسُّوقِ والأَعْنَاقِ } . رُوي عن ابن عباس أنه جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبّاً لها .
وهذا كما حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا هارون بن عبدالله قال : حدثنا هشام بن سعيد الطالقاني قال : أخبرنا محمد بن المهاجر قال : حدثني عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي وكانت له صحبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ارْتَبِطُوا الخَيْلَ وامْسَحُوا بنَوَاصِيهَا وأَعْجَازِهَا أَوْ قال : أَكْفَالِها وقَلِّدُوهَا ولا تُقَلِّدُوهَا الأَوْتَارَ " ؛ فجائز أن يكون سليمان إنما مسح أعرافها وعراقيبها على نحو ما نَدَب إليه نبيُّنا صلى الله عليه وسلم .
وقد رُوي عن الحسن أنه كشف عراقيبها وضرب أعناقها وقال : " لا تشغليني عن عبادة ربي مرة أخرى " ؛ والتأويل الأول أصحّ ، والثاني جائز . ومن تأوله على الوجه الثاني يَسْتَدِلّ به على إباحة لحوم الخيل ، إذ لم يكن ليتلفها بلا نفع ؛ وليس كذلك ، لأنه جائز أن يكون محرم الأكل وتعبد الله بإتلافه ويكون المنفعة في تنفيذ الأمر دون غيره ، ألا ترى أنه كان جائزاً أن يميته الله تعالى ويمنع الناس من الانتفاع بأكله ؟ فكان جائزاً أن يتعبد بإتلافه ويحظر الانتفاع بأكله بعده .