فصل في إباحة لبس الحليّ للنساء
قال أبو العالية ومجاهد : " رُخّص للنساء في الذهب " ، ثم قرأ : { أَوَ مَنْ يُنَشَّأُ في الحِلْيَةِ } . وروى نافع عن سعيد عن أبي هند عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لبْسُ الحَرِيرِ والذَّهَبِ حَرَامٌ على ذُكُورِ أُمَّتِي حَلالٌ لإِنَاثِها " . ورَوَى شريك عن العباس بن رزيح عن البهيّ عن عائشة قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو يمصّ الدم عن شجَّة بوجه أسامة ويمجّه : " لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَحَلَّيْنَاهُ ، لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَكَسَوْنَاهُ لِنُنَفِّقَهُ " .
وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأتين عليهما أَسْوِرَةٌ من ذهب ، فقال : " أَتُحِبَّانِ أَنْ يُسَوِّرَكُما الله بأَسْوِرَةٍ مِنْ نَارٍ ؟ " قالتا : لا ، قال : " فأَدِّيا حَقَّ هَذَا ! " .
وقالت عائشة : " لا بأس بلبس الحليّ إذا أعطى زكاته " . وكتب عمر إلى أبي موسى أن مُرْ مَنْ قِبَلكِ من نساء المؤمنين أن يصَّدَّقْنَ من الحليّ .
ورَوَى أبو حنيفة عن عمرو بن دينار أن عائشة حَلَّتْ أخواتها الذهب ، وأن ابن عمر حَلَّى بناته الذهب . وقد رَوَى خصيف عن مجاهد عن عائشة قالت : لما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الذهب قلنا : يا رسول الله أو نربط المسك بشيء من الذهب ؟ قال : " أفلا تَرْبطُونَه بالفِضَّة ثم تُلَطِّخُونَهُ بشيءٍ مِنْ زَعْفَرَانٍ فَيَكُون مِثْلَ الذَّهَبِ ! " .
وروى جرير عن مطرف عن أبي هريرة قال : كنت قاعداً عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتته امرأة فقالت : يا رسول الله سِوَارَانِ من ذهب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " سِوَارَانِ مِنْ نَارٍ " فقالت : قُرْطان من ذهب ، قال : " قُرْطَانِ مِنْ نَارٍ " ، قالت : طوق من ذهب ، قال : " طَوْقٌ مِنْ نَارٍ " ، قالت : يا رسول الله إن المرأة إذا لم تتزين لزوجها صلفت عنده ، فقال : " ما يَمْنَعَكُنَّ أَنْ تَجْعَلْنَ قُرْطَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ تُصَفِّرِينَهُ بِعَنْبَرٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ فإِذَا هُوَ كَالذَّهَبِ " .
قال أبو بكر : الأخبار الواردة في إباحته للنساء عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أَظْهَرُ وأشهر من أخبار الحَظْرِ ، ودلالة الآية أيضاً ظاهرة في إباحته للنساء ، وقد استفاض لبس الحليّ للنساء منذ لَدُن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة إلى يومنا هذا من غير نكير من أحد عليهن ، ومثل ذلك لا يعترض عليه بأخبار الآحاد .