قوله تعالى : { قُلْ للمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولي بَأْسٍ شَدِيدٍ } ؛ رُوي أن المراد فارس والروم ، ورُوي أنهم بنو حنيفة ؛ فهو دليل على صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ؛ لأن أبا بكر الصدّيق دعاهم إلى قتال بني حنيفة ودعاهم عمر إلى قتال فارس والروم ، وقد ألزمهم الله اتّباع طاعة من يدعوهم إليه بقوله : { تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ الله أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عذاباً أَلِيماً } فأوعدهم الله على التخلّف عمن دعاهم إلى قتال هؤلاء ، فدلّ على صحة إمامتهما ، إذ كان المتولِّي عن طاعتهما مستحقّاً للعقاب .
فإن قيل : قد رَوَى قتادة أنهم هَوَازِنُ وثقيف يوم حُنَين . قيل له : لا يجوز أن يكون الداعي لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه قال : { فقل لن تخرجوا معي أبداً ولن تقاتلوا معي عدوّاً } [ التوبة : 83 ] ، ويدل على أن المراد بالدعاء لهم غير النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أنه لم يَدْعُ هؤلاء القَوْمَ بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما .