قوله تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَم الله الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ الله ولا رَسُولِهِ ولا المؤْمِنِينَ وَلِيجَةً } فإن معناه : أم حسبتم أن تُتركوا ولم تجاهدوا ؛ لأنهم إذا جاهدوا علم الله ذلك منهم ، فأطلق اسم العلم وأراد به قيامهم بفرض الجهاد حتى يعلم الله وجود ذلك منهم .
مطلب : في حجة الإجماع
وقوله : { وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ ولا المُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً } يقتضي لزوم اتّباع المؤمنين وترك العدول عنهم كما يلزم اتّباع النبي صلى الله عليه وسلم ، وفيه دليل على لزوم حجة الإجماع ، وهو كقوله : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولّى } [ النساء : 115 ] .
والوَلِيجَةُ المدخل ، يقال : وَلَجَ إذا دَخَلَ ، كأنه قال : لا يجوز أن يكون له مدخل غير مدخل المؤمنين . ويقال إن الوليجة بمعنى الدخيلة والبطانة ، وهي من المداخلة والمخالطة والمؤانسة ، فإن كان المعنى هذا فقد دلّ على النهي عن مخالطة غير المؤمنين ومداخلتهم وترك الاستعانة بهم في أمور الدين كما قال : { لا تتخذوا بطانة من دونكم } [ آل عمران : 118 ] .