قوله تعالى : { وَمَا يَنْبَغِي لِلرّحْمَنِ أَنْ يَتّخِذَ وَلَداً ، إن كُل مَنْ في السّماواتِ والأَرْضِ إلاّ آتي الرَّحْمَنِ عَبْداً } ، الآية :[ 92 ، 93 ] :
فيه دلالة على أن الولد لا يكون مملوكاً لأبيه خلافاً لمن قال : إنه يشتريه فيملكه ولا يعتق إلا إذا أعتقه ، وقد أبان الله تعالى المنافاة بين الولادة والملك .
واستدل إسماعيل بن إسماعيل بن إسحاق بدليل آخر ، ونقله الرازي في كتابه عنه فقال : وقد اتفق أهل العلم على أن أمة الرجل إذا حملت منه ، فإن الولد يتحرر في بطن أمه ، مع أن العبرة في رق الولد برق الأم ، وحرية الوالد لا تقتضي حرية الولد ، فلم يكن عتق الولد من جهة كون الأب حراً ، وإنما كان من جهة أن الولد لو علق رقيقاً ، لكان ملكاً للوالد ، ولا يثبت الملك للوالد على الولد أصلاً .
إلا أن الولد تم حر الأصل ، لأنه لا حاجة إلى إثبات الرق والملك للولد ، فعلق الولد حراً هنالك ، حتى لا يثبت للوالد على الولد ملك .
وإذا اشترى ، فلا يمكن أن يقال إن الملك لا يثبت ، فإن الملك لو لم يثبت لم يصح الشراء ، ولا بد من تصحيح الشراء .
وقال مالك : ينقل المالك الملك إلى المشتري ، فيثبت له الملك بقدر ما يحصل به الانتقال ضرورة تصحيح الشراء ، وامتنع بعد ذلك ثبوت ملك الوالد عليه .
وقال بعض العلماء : إن شراء الولد لا يثبت له ملكاً أصلاً ، وإنما هو عقد عتاق ، فإما أن يقال إن الملك يثبت حقيقة في زمان ، وحصل العتق بعده في زمان آخر فلا ، ولكن العتق ثبت مقارناً للشراء ، وجعل الشراء عقد عتاق وإسقاط لملك المالك ، لا على حقيقة شراء فيما سواه ، ولم يجعل الشراء سبب الملك ، لوجود الأبوة المنافية له ، كما لم يجعل ملك المحل سبباً لملك الولد لوجود سبب ما ينافيه ، فيقال حدث حراً ، وكذلك يقال حصل الشراء مع الحرية .
فهذا قول فيه تأمل ، وعلى كل حال تبين به أنه لا يدوم ملك الوالد على ولده{[1523]} .