الْآيَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى : { قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } .
لَمَّا تَدَاعَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ إلَى لُوطٍ حِينَ رَأَوْا وَسَمِعُوا بِجَمَالِ أَضْيَافِهِ ، وَحُسْنِ شَارَتِهِمْ ؛ قَصْدًا لِلْفَاحِشَةِ فِيهِمْ ، تَحَرَّمَ لَهُمْ لُوطٌ بِالضِّيَافَةِ ، وَسَأَلَهُمْ تَرْكَ الْفَضِيحَةِ ، وَإِتْيَانَ الْمُرَاعَاةِ ، فَلَمَّا قَالُوا لَهُ : { أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنْ الْعَالَمِينَ } قَالَ لَهُمْ لُوطٌ : إنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ فَهَؤُلَاءِ بَنَاتِي إنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ .
وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَنْ يَعْرِضُوا بَنَاتِهِمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ فِدَاءً لِفَاحِشَةٍ أُخْرَى ؛ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ هَؤُلَاءِ بَنَاتِ أُمَّتِي ؛ لِأَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ أَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُ أُمَّتِهِ ، وَبَنَاتُهُمْ بَنَاتُهُ ، فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ بِالتَّزْوِيجِ الشَّرْعِيِّ ، وَحَمَلَهُمْ عَلَى النِّكَاحِ الْجَائِزِ كَسْرًا لِسَوْرَةِ الْغُلْمَةِ ، وَإِطْفَاءً لِنَارِ الشَّهْوَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : { أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ من الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ من أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .