الْآيَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إنْ هُوَ إلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } .
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْعَرَبِيِّ : هَذِهِ الْآيَةُ أُصُولِيَّةٌ ؛ فَإِنَّهَا تُفِيدُ مَسْأَلَةً من الْأُصُولِ ، وَهِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتَهُ : هَلْ تَعَبَّدُوا بِشَرِيعَةِ مَنْ قَبْلَهُمْ أَمْ لَا ؟ وَقَدْ حَقَّقْنَاهَا فِي الْأُصُولِ ، فَلْتُنْظَرْ هُنَاكَ .
وَفِيهَا من الْأَحْكَامِ الْعَمَلُ بِمَا ظَهَرَ من أَفْعَالِهِمْ ، وَأَخْبَرَنَا عَنْهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ عَنْ الْعَوَّامِ قَالَ : سَأَلْت مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ " ص " فَقَالَ : سَأَلْت ابْنَ عَبَّاسٍ من أَيْنَ سَجَدْت ؟ فَقَالَ : أَوَمَا تَقْرَأُ : { وَ من ذُرِّيَّتِهِ دَاوُد وَسُلَيْمَانَ . . . } إلَى قَوْلِهِ : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ } . وَكَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ ، فَسَجَدَهَا دَاوُد ، فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ وَسَتَرَاهَا مُسْتَوْفَاةً فِي سُورَةِ " ص " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .