الْآيَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى : { وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ } :
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
المسألة الْأُولَى : ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهَا قَوْلَيْنِ :
الْأَوَّلُ : وَأَمَّا السَّائِلَ [ لِلْبِرِّ ] فَلَا تَنْهَرْ أَيْ رُدَّهُ بِلِينٍ وَرَحْمَةٍ ؛ قَالَهُ قَتَادَةُ .
الثَّانِي : سَائِلُ الدِّينِ لِلْبَيَانِ لَا تَنْهَرْهُ بِالْجَفْوَةِ وَالْغِلْظَةِ .
المسألة الثَّانِيَةُ : أَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ سَائِلُ الْبِرِّ فَقَدْ قَدَّمْنَا وُجُوهَ السُّؤَالِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَكَيْفِيَّةَ الْعَمَلِ فِيهِ ، وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ من صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ، فَكَيْفَ بِالْأَذَى دُونَ الصَّدَقَةِ . وَأَمَّا السَّائِلُ عَنْ الدِّينِ فَجَوَابُهُ فَرْضٌ عَلَى الْعَالِمِ عَلَى الْكِفَايَةِ كَإِعْطَاءِ سَائِلِ الْبِرِّ سَوَاءً ، وَقَدْ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَنْظُرُ إلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ ، وَيَبْسُطُ رِدَاءَهُ لَهُمْ ، وَيَقُولُ : مَرْحَبًا بِأَحِبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : كُنَّا إذَا أَتَيْنَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَقُولُ : مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : «إنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ ، وَإِنَّ رِجَالًا يَأْتُونَكُمْ من أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ ، فَإِذَا أَتَوْكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا » . وَفِي رِوَايَةٍ : «يَأْتِيكُمْ رِجَالٌ من قِبَلِ الْمَشْرِقِ . . . » فَذَكَرَهُ .