«الماعون » من «المَعن » وهو الشيء القليل .وكثير من المفسّرين قالوا: إنّ المقصود من «الماعون » الأشياء البسيطة التي يستعيرها أو يقتنيها النّاس ،وخاصّة الجيران من بعضهم ،مثل حفنة الملح ،والماء ،والنّار ( الثقاب ) ،والأواني وأمثالها .
واضح أنّ الذي يبخل في إعطاء مثل هذه الأشياء إلى غيره إنسان دنيء عديم الإيمان .أي إنّه بخيل إلى درجة الإباء عن إعطاء مثل هذه الأشياء .بينما يمكن لهذه الأشياء البسيطة أن تسدّ الاحتياجات الكبيرة .ومنعها يؤدي إلى بروز مشاكل كثيرة في حياة الأفراد .
وقيل: إنّ الماعون يعني الزكاة ؛لأنّ الزكاة تشكل نسبة قليلة من أصل المال قد تبلغ عشرة بالمائة ،وأحياناً خمسة بالمائة ،وأحياناً اثنين ونصف بالمائة .
منع الزكاة طبعاً من أفظع السيئات ؛لأنّ الزكاة تحل كثيراً من مشاكل المجتمع الاقتصادية .
عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق( عليه السلام ) في تفسير الماعون قال: «هو القرض يقرضه ،والمتاع يعيره ،والمعروف يصنعه »{[6186]} .
وفي رواية أخرى عن الصادق( عليه السلام ) فسّر الماعون بنفس المعنى السابق .فسأله سائل قال: لنا جيران إذا أعرناهم متاعاً كسروه وأفسدوه ،فعلينا جناح أن نمنعهم ؟
فقال: «لا ،ليس عليكم جناح أن تمنعوهم إذا كانوا كذلك »{[6187]} .
وفي معنى الماعون ذكرت احتمالات أخرى ،ذكر القرطبي منها اثني عشر رأياً يرجع كثير منها إلى معنى مشترك ،والمهم ما ذكرناه أعلاه .
ذكر هاتين الصفتين بشكل متوال ( الرياء ومنع الماعون ) كأنه إشارة إلى أن هؤلاء المكذبين بالدين يؤدون ما للّه بنية النّاس ،وما للناس يمنعونه عنهم ،ومن هنا لا يصيب أي ذي حقّ حقّه .
مسك الختام حديث عن رسول اللّه( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال: «من منع الماعون جاره منعه اللّه خيره يوم القيامة ،ووكّله إلى نفسه ،ومن وكّله إلى نفسه فما أسوأ حاله » ؟!{[6188]}
/خ7