/م69
ثانياً: إذا كانت هذه الجملة بمعنى حصول العادة النسائية فلا ينبغي لسارة أن تتعجب من البشرى بالولد «إِسحاق » لأنّهوالحال هذهلا غرابة في الإِنجاب ،في حين نستفيد من الجمل الأُخرى أنّها لم تتعجب من الإِنجاب فحسب ،بل صرخت وقالت: ( يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً ) .
وعلى كل حال فإنّ هذا الاحتمال في الآية يبدو بعيداً جدّاً .
ثمّ تضيف الآية أنّ إِسحاق سيعقبه ولد من صلبه اسمه يعقوب: ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إِسحاق يعقوب ) .
الواقع أنّ الملائكة بشّروها بالولد وبالحفيد ،فالأوّل إِسحاق والثّاني يعقوب ،وكلاهما من أنبياء الله .
ومع التفات «سارة » امرأة إِبراهيم إلى كبر سنّها وسن زوجها فإنّها كانت آيسة من الولد بشدّة ،فاستنكرت بصوت عال متعجبة من هذا الأمر و ( قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إِن هذا لشيءٌ عجيب ) .
وكان الحق معها ،لأنّه طبقاً للآية ( 29 ) من سورة الذاريات ،فإنّها كانت في شبابها عاقراً ،وحين بشرت بالولد كانَ عمرهاكما يقول المفسّرون وتذكره التوراة في سفر التكوينتسعين عاماً أو أكثر ،أمّا زوجها إِبراهيم( عليه السلام ) فكان عمره مئة عام أو أكثر .
وهنا ينقدح سؤال وهو: لم استدلت سارة على عدم الإِنجاب بكبر سنّها وكبر سنّ زوجها ،في حين أننا نعلم أنَّ النساء عادة يصبحن آيسات بعد الخمسين لانقطاع «الحيض » أو «العادة » واحتمال الإِنجاب في هذه المرحلة بالنسبة لهنّ ضعيف ،أمّا الرجال فقد أثبتت التجارب الطبيعية أنّهم قادرون على الإِنجاب لسنين أطول ...؟
والجواب على هذا السؤال واضح: فإنّ الرجال وإن كانوا قادرين على الإِنجاب ،ولكن يضعف احتماله كلما طعنوا في السنّ ولذا فطبقاً للآية ( 54 ) من سورة الحجر نجدُ إِبراهيم نفسه متعجباً من هذه البشرى لكبر سنّه ،أضف إلى ذلك فإنّ سارة من الناحية النفسية لعلها لم تكن في الانفراد بهذه المشكلة ( العقم ) وأرادت إقحام زوجها معها .