ثمّ يتطرّق القرآن الكريم إلى لباسهم والذي هو أحد أفراد المجازاة الشديدة ( سرابيلهم من قطران وتغش وجوههم النار ) .
«سرابيل » جمع ( سربال ) على وزن ( مثقال ) بمعنى القميص من أي قماش كان ،ويقول البعض بأنّه كلّ أنواع اللباس ،لكن الأوّل أقرب إلى المعنى .
«قطران » بفتح القاف وسكون الطاء أو بكسر القاف وسكون الطاء ،وهي مادّةً تؤخذ من شجرة الأبهل ثمّ تُغلى فتثخن وتُطلى بها الإبل عند إصابتها بمرض الجرب ،وكانوا يعتقدون أنّ المرض يزول بسبب وجود الحرقة في هذه المادّة ،وعلى أي حال فهي مادّة سوداء نتنة وقابلة للاشتعال{[2006]} .
فيكون معنى الجملة ( سرابيلهم من قطران ) أنّهم يلبسون ثياباً من مادّة سوداء ونتنة وقابلة للاشتعال ،حيث تمثّل أسوأ الألبسة لما كانوا يعملونه في هذه الدنيا من ارتكاب الذنوب والفواحش .وسوادها يشير إلى أنّ الذنوب تؤدّي إلى أن يكون الإنسان مسودّ الوجه أمام ربّه ،وتعفّنها يشير إلى تلوّث المجتمع بهم ومساعدتهم على إشعال نار الفساد ،وكأنّ القطران تجسيد لأعمالهم في الدنيا .
( وتغشى وجوههم النار ) بسبب لباسهم الذي هو من قطران ،لأنّه عند اشتعاله لا يحرق جسمهم فقط ،بل يصل لهيبه إلى وجوههم .
/خ52