التّفسير
موازين العدل في القيامة:
بعد أن كانت الآيات السابقة تعكس حالة غرور وغفلة الأفراد الكافرين ،تقول الآية الأُولى أعلاه: إنّ هؤلاء المغرورين لم يذكروا الله يوماً في الرخاء ،ولكن: ( ولئن مسّتهم نفحة من عذاب ربّك ليقولنّ يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين ) .
كلمة ( نفحة ) تعني برأي المفسّرين وأرباب اللغة: الشيء القليل ،أو النسيم اللطيف ،وبالرغم من أنّ هذه الكلمة تستعمل غالباً في نسمات الرحمة والنعمة غالباً ،إلاّ أنّها تستعمل في مورد العذاب أيضاً{[2516]} .
وعلى قول تفسير الكشّاف فإنّ جملة ( ولئن مسّتهم نفحة ...) تتضمّن ثلاثة تعابير كلّها تشير إلى القلّة: التعبير بالمسّ ،والتعبير بالنفحة ،من ناحية اللغة ،ومن ناحية الوزن والصيغة أيضاً{[2517]} .
والخلاصة: إنّ ما يريد أن يقوله القرآن الكريم هو: إنّ هؤلاء الذين عميت قلوبهم يسمعون كلام النّبي ومنطق الوحي سنين طويلة ،ولا يؤثّر فيهم أدنى تأثير ،إلاّ أنّهم عندما تلهب ظهورهم سياط العذابوإن كانت خفيفة يسيرةسيصرخون ( إنّا كنّا ظالمين ) ألا ينبغي لهؤلاء أن ينتبهوا قبل أن تصيبهم سياط العذاب ؟
ولو انتبهوا حينئذ ،فما الفائدة ؟فإنّ هذه اليقظة الاضطرارية لا تنفعهم ،وإذا ما هدأت فورة العذاب واطمأنّوا فإنّهم سيعودون إلى ما كانوا عليه !