ثمّ أشارت الآية التالية إلى السيادة المطلقة لربّ العالمين يوم القيامة ( الملك يومئذ لله ) وهذا أمر ملازم لله الحاكم الدائم والمالك المطلق ،وليس ليوم القيامة فقط ،بل هو على مدى الزمان ،وبما أنّ في الدنيا مالكين وحكّاماً آخرين رغم محدودية ملكياتهم وسلطانهم ورغم أنّها ملكية ظاهرية وسلطان شكلي ،إلاّ أنّه قد يولد تصوّراً بأنّ هناك حكّاماً ملاّكاً غير الله .ولكنّ كلّ هذا يزول وتتّضح حقيقة وحدانية المالك والحاكم يومئذ .
وبتعبير آخر: هناك نوعان من السيادة والملكية: السيادة الحقيقيّة ،وهي للخالق على المخلوق ،والسيادة الاعتبارية الناتجة عن اتّفاق بين الناس ،ويوجد كلا هذان النوعان في الدنيا ،ولكن تزول الحكومات الاعتبارية كلّها يوم القيامة ،وتبقى السيادة الحقيقيّة لخالق العالم{[2661]} .
وعلى أي حال ،فإنّ الله هو المالك الحقيقي ،فهو إذن الحاكم الحقيقي ،وتعمّ حكومته على المؤمنين والكافرين على السواء ،ونتيجة ذلك كما يقول القرآن المجيد: ( فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنّات النعيم ) الجنّات التي تتوفّر فيها جميع المواهب وكلّ الخيرات والبركات .