ثمّ تشير الآية التالية إلى شجرة مباركة أُخرى نمت من ماء المطر ،إضافةً إلى بساتين النخيل والكروم والأشجار والفاكهة الأخرى ( وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين ){[2694]} .
ماذا يقصد ب( طور سيناء ) ؟
ذكر المفسّرون لهذه الكلمة احتمالين: الأوّل: أنّها إشارة إلى جبل الطور المعروف في صحراء سيناء .وإذا وصف القرآن المجيد شجرة الزيتون باعتبارها الشجرة التي تنمو في جبل الطور ،لأنّ عرب الحجاز كانوا يمرّون بهذه الأشجار المباركة عندما كانوا يتوجّهون إلى الشمال ،حيث تقع منطقة الطور في جنوب صحراء سيناء كما يدلّ على ذلك موقعها الجغرافي بوضوح .
والاحتمال الثّاني: طور سيناء ذات جانب وصفي يعني الجبل ذي الخيرات ،أو الجبل ذي الأشجار الكثيرة ،أو الجبل الجميل ( لأنّ «الطور » يعني الجبل ،و «سيناء » تعني ذات البركة والجمال والشجر ) .
وكلمة «صبغ » تعني في الأصل اللون ،وبما أنّ الإنسان يلوّن خبزه مع المرق ،لهذا أُطلق على جميع أنواع المرق اسم الصبغ .وعلى كلّ حال فكلمة «الصبغ » ربّما تكون إشارة إلى زيت الزيتون الذي يؤكل مع الخبز ،أو أنواع الخبز مع المرق الذي يحضر من أشجار أُخرى .
وهنا يواجهنا سؤال: لماذا أُكّد على ثلاث فواكه هي: التمر والعنب والزيتون ؟
في الجواب على ذلك لابدّ من الاهتمام بمسألة علميّة ،هي أنّ علماء التغذية أكّدوا أنّه من النّادر أن نجد فاكهة مفيدة لجسم الإنسان بقدر فائدة هذه الفواكه الثلاثة .
فلزيت الزيتون أهميّة فائقة في إنتاج الطاقة وبناء الجسم ،لأنّ الحرارة الناتجة عن تناوله كبيرة ،وهو صديق حميم للكبد ،ويزيل أمراض الكلية ويحميها ،ويقوّي الأعصاب ،وأخيراً يعتبر إكسير السلامة .
أمّا التمور فقد وصفت بدرجة لا يسعها هذا الموجز ،فسكّرها من أفضل أنواع السكّر وأسلمها ،ويرى عدد كبير من خبراء التغذية أنّ التمور من الأسباب التي تحول دون الإصابة بالأمراض السرطانية ،حيث كشف العلماء في التمور ثلاث عشرة مادّة حيوية ،وخمسة أنواع من الفيتامينات ،وبهذا تعتبر مصدراً غنيّاً بالمواد الغذائية .
أمّا الأعناب فتعبّركما يراه بعض العلماءصيدلية طبيعيّة ،فخواصها تشبه حليب الأم ،وتولّد طاقة حرارية في الجسم تعادل ضعف ما تولده اللحوم ،وتصفّي الدم ،وتدفع السموم عن البدن ،وتمنح فيتاميناته الإنسان قوّة وطاقة مثلى{[2695]} .