تتكئ الآية التالية أيضاً على ما سبق ،من أن لهذه الذنوب الثّلاثة أهمية قصوى ،فيقول تعالى: ( يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً ) .
و يتجسد هنا سؤالان:
الأوّل: لماذا يتضاعف عذاب هذا النوع من الأشخاص ؟ولماذا لا يجازون على قدر ذنوبهم ؟وهل ينسجم هذا مع أصول العدالة !؟
الثّاني: إنّ الكلام هنا عن الخلود في العذاب ،في حين أنّ الخلود هنا مرتبط بالكفار فقط .والذنب الأوّل من هذه الذنوب الثلاثة التي ذكرت في الآية يكون كفراً ،فقط ،وأمّا قتل النفس والزنا فليسا سبباً للخلود في العذاب .
بحث المفسّرون كثيراً في الإجابة على السؤال الأول ،وأصح ما أوردوه هو أن المقصود من مضاعفة العذاب أن كل ذنب من هذه الذنوب الثلاثة المذكورة في هذه الآية سيكون له عقاب منفصل ،فتكون العقوبات بمجموعها عذاباً مضاعفاً .
فضلا عن أنّ ذنباً ما يكون أحياناً مصدر الذنوب الأُخرى ،مثل الكفر الذي يسبب ترك الواجبات وارتكاب المحرمات ،وهذا نفسه موجب لمضاعفة العذاب الإلهي .
لهذا اتّخذ بعض المفسّرين هذه الآية دليلا على هذا الأصل المعروف أن: «الكفار مكلفون بالفروع كما أنّهم مكلفون بالأصول » .
وأمّا في الإجابة على السؤال الثّاني: فيمكن القول أن بعض الذنوب عظيم إلى درجة يكون عندها سبباً في الخروج من هذه الدنيا بلا إيمان ،كما قلنا في مسألة قتل النفس في ذيل الآية ( 93 ) سورة النساء{[2891]} .
ومن الممكن أن يكون الأمر كذلك في مورد الزنا أيضاً ،خاصّة إذا كان الزنا بمحصنة .
ومن المحتمل أيضاً أن «الخلود » في الآية أعلاه يقصد به من يرتكب هذه الذنوب الثلاثة معاً ،الشرك وقتل النفس والزنا ،والشاهد على هذا المعنى: الآية التالية حيث تقول: ( إلاّ من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً ) .
واعتبر بعض المفسّرينأيضاًأن «الخلود » هنا بمعنى المدة الطويلةلا الخالدة ،لكن التّفسير الأوّل والثّاني أصح .
ومن الملفت للنظر هنافضلا عن مسألة العقوبات العاديةعقوبة أُخرى ذكرت أيضاً هي التحقير والمهانة ،أي البعد النفسي من العذاب ،وقد تكون بذاتها تفسيراً لمسألة مضاعفة العذاب ،ذلك لأنّهم يعذبون عذاباً جسدياً وعذاباً روحياً .