ولما رأى نوح أن دعوته المستمرة الطويلة بما فيها من منطق بيّن ...وبما يقترن بها من اصطبار ،لم تؤثر إلاّ في جماعة قلة آمنوا به ...شكا إلى ربّه أخيراً ،وضمن بيان حاله ،سأل ربه أن ينجيّه من قبضة الظالمين ،وأن يُبعده عنهم ...إذ ( قال ربّ إن قومي كذبون ) .
وصحيح أن الله مطّلع على كل شيء ،إلاّ أنه لبيان الشكوى وتمهيداً للسؤال التالي ،يذكر نوح مثل هذا الكلام .
وممّا يلفت النظر أنّ نوحاً لم يشتكِ من المصائب التي أُبتلي بها ،بل اشتكى من تكذيب قومه إيّاه فحسب ،إذ لم يصدقوه ولم يقبلوا رسالته الإلهية لهدايتهم ...
ثمّ يلتفت إلى ربّه فيقول: والآن حيث لم يبق طريق لهداية هؤلاء القوم فاقض بيننا وافصل بيني وبينهم: ( فافتح بيني وبينهم فتحاً ) .