إلاّ أنّ لوطاً لم يكترث بتهديدهم ،وواصل نصحه لهم و ( قال إنّي لعملكم من القالين ) .
إنّه يريد أن يقول: سأواصل انتقادي إيّاكم ...فافعلوا ما شئتم ...فأنا لا أترك مواجهة هذه الأعمال القبيحة بالاعتراض والنقد !...
والتعبير ب «من القالين » يدلُّ أيضاً على أن جماعة كانوا مثل النّبي لوط يرفضون هذه الأعمال ويعترضون عليها ...رغم أن المنحرفين أخرجوهم من قريتهم آخر الأمر .
كلمة «القالِين » جمع «قال » من مادة ( قَلَى ) أو ( قَلِيَ ) «على وزنيْ حَلَقَ وشَرِكَ » ومعناها العداوة الشديدة التي تترك أثرها في قلب الإنسان ،وهذا التعبير يكشف عن شدّة تنفّر لوط من أعمالهم ...
والذي يسترعي النظر أن لوطاً يقول: إنّي لعملكم من القالين .أي إنّنيلا أعاديكم بأشخاصكم ،بل أعادي أعمالكم المخزية ،فلو ابتعدتم عن هذا العمل الشنيع فأنا محبّ لكم وغير قال لكم .
وأخيراً لم تؤثر مواعظ لوط ونصائحه في قومه ،فبدّل الفساد مجتمعهم كلّه إلى مستنقع عفن ...وتمّت الحجة عليهم بمقدار كاف ،وبلغت رسالة لوط مرحلتها النهائية ...فعليه أن يغادر هذه المنطقة العفنة ،وأن ينجّي من معه ممن استجاب دعوته ،لينزل عذاب الله على القوم الفاسقين فيهلكهم ،فسأل لوط ربّه أن يخلّصه من قومه ،فقال: ( رب نجني وأهلي ممّا كانوا يعملون ) .