فالتفت إبراهيم مُوبّخاً لهم ومبيناً موقفة منهم و ( قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنّهم عدوّلي إلاّ ربَّ العالمين ) ...
أجلْ ...إنّهم جميعاً أعدائي وأنا معاديهم ،ولا أسالمهم أبداً ...
وممّا ينبغي الالتفات إليه أن إبراهيم الخليل( عليه السلام ) يقول: «فإنّهم عدوٌّ لي » وإن كان لازم هذا التعبير أنّه عدوّ لهم أيضاً ،إلاّ أن هذا التعبير لعله ناشئ من أن عبادة الأصنام أساس الشقاء والضلال وعذاب الدنيا والآخرة «للإنسان » ،وهذه الأُمور في حكم عداوتها للإنسان .أضف إلى ذلك أنه يستفاد من آيات متعددة من القرآن أن الأصنام تبرأ من عبدتها يوم القيامة وتعاديهم ،وتحاججهم بأمر الله وتنفر منهم{[2922]} .
واستثناء ربّ العالمين مع أنّه لم يكن من معبوداتهم ،وكما يصطلح عليه استثناء منقطع ،إنّما هو للتأكيد على التوحيد الخالص .
كما يَرِدُ هذا الاحتمال وهو أن من بين عبدة الأصنام من كان يعبدُ الله إضافة إلى عبادة الأصنام ،فاستثنى إبراهيم «ربّ العالمين » من الأصنام ،رعايةً لهذا الموضوع ...
وذكر الضمير «هم » الذي يستعمل عادةً للجمع «في العاقلين » وقد ورد في شأن الأصنام ،لما ذكرناه من بيان آنفاً ...
ثمّ يصف إبراهيم الخليل ربّ العالمين ويذكر نعمه المعنوية والماديّة ،ويقايسها بالأصنام التي لا تسمع الدعاء ولا تنفع ولا تضرّ ،ليتّضح الأمر جليّاً ...