/م152
ثمّ إنه سبحانه يذكر المسلمين بموقفهم في نهاية معركة «أُحد » فيقول: ( إذ تصعدون{[670]} ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم{[671]} ) أي تذكروا إذ فررتم من المعركة ،ورحتم تلوذون بالجبل أو تنتشرون في السهل ،تاركين رسول الله وحده بين المهاجمين المباغتين من المشركين وهو يدعوكم من ورائكم ويناديكم قائلاً: «إِليّ عباد اللهإِليّ عباد الله فإني رسول الله » وأنتم لا تلتفتون إلى الوراء أبداً ،ولا تلبون نداء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وفي ذلك الوقت أخذت الهموم والأحزان تترى عليكم ( فأثابكم غما بغم ) ،لِما أصابكم من النكسة ولفقدان مجموعة كبيرة من خيار فرسانكم وجنودكم ولِما أصاب جماعة منكم من الجراحات والإصابات ولِما بلغكم من شائعة قتل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
ولقد كان كلّ ذلك من نتائج مخالفتكم لأوامر القيادة النبوية ،وتجاهلكم لتأكيداتها بالمحافظة على المواقع المناطة لكم .
ولقد كان هجوم تلك الغموم عليكم من أجل أن لا تحزنوا على ما فاتكم من غنائم الحرب ،وما أصابكم من الجراحات في ساحة المعركة في سبيل تحقيق الإنتصار ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم ) .
( والله خبير بما تعملون ) فهو يعرف جيداً من ثبت منكم وأطاع ،وكان مجاهداً واقعياً ،ومن هرب وعصى ،وعلى ذلك فليس لأحد أن يخدع نفسه ،فيدعي خلاف ما صدر منه في تلك الحادثة ،فإذا كنتم من الفريق الأول بحق وصدق فاشكروه سبحانه ،وإن لم تكونوا كذلك فتوبوا إليه واستغفروه من ذنوبكم .