( يا أهل الكتاب لم تلبسون الحقّ بالباطل ) .
مرّة أخرى يستنكر القرآن قيامهم بالخلط بين الحقّ والباطل ،وإخفاءهم الحقّ مع علمهم به ،فهم على علمهم بالأمارات الواردة في التوراة والإنجيل عن رسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يخفونها .
إنّه يوبّخهم أوّلاً على انحرافهم عن طريق الحقّ مع علمهم به ،ثمّ يوبّخهم في الآية الثانية على تضليلهم الآخرين{[595]} .
سبب النّزول:
يقول بعض المفسّرين القدامى إنّ اثني عشر من يهود خيبر وغيرهما وضعوا خطّة ذكيّة لزعزعة إيمان بعض المؤمنين ،فتعاهدوا فيما بينهم أن يصبحوا عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويتظاهروا باعتناق الإسلام ،ثمّ عند المساء يرتدّون عن إسلامهم ،فإذا سئلوا لماذا فعلوا هذا ،يقولون: لقد راقبنا أخلاق محمّد عن قرب ،ثمّ عندما رجعنا إلى كتبنا وإلى أحبارنا رأينا أنّ ما رأيناه من صفاته وسلوكه لا يتّفق مع ما هو موجود في كتبنا ،لذلك ارتددنا .إنّ هذا سيحمل بعضهم على القول بأنّ هؤلاء قد رجعوا إلى كتبهم السماوية التي هم أعلم منّا بها ،إذاً لابدّ أن يكون ما يقولونه صحيحاً .وبهذا تتزعزع عقيدتهم .
هناك سبب نزول آخر ،إلاَّ أنّ ما ذكرناه أقرب إلى معنى الآية .
/خ74