ثمّ جاءت الآية الثانية تلومهم قائلة ( قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن ،تبغونها عوجاً وأنتم شهداء ) أي قل يا رسول الله لهم لائماً ومندداً: إذا كنتم غير مستعدين للقبول بالحقّ ،فلماذا تصرون على صرف الآخرين عنه ،وصدهم عن سبيل الله ،وإظهار هذا الطريق المستقيم في صورة السبيل الأعوج بما تدخلون من الشبه على الناس ،في حين ينبغيبل يتعينأن تكونوا أول جماعة تبادر إلى تلبية هذا النداء الإلهي ،لما وجدتموه من البشائر بظهور هذا النبي في كتبكم وتشهدون عليه .
فإذا كان الأمر كذلك فلِمَ هذه الوساوس والمحاولات لإلقاء الفرقة وإضلال الناس ،وإزاحتهم عن سمت الحقّ ،وصدهم عن السبيل الإلهي القويم ؟ولم تحملون أثقالاً إلى أثقالكم ،وتتحملون إلى إثم الضلال جريمة الإضلال ؟،لماذا ؟
هل تتصورون أن كلّ ما تفعلونه سيخفى علينا ؟كلاّ ...( وما الله بغافل عمّا تعملون ) إنه تهديد بعد تنديد ،وإنه إنذار بعد لوم شديد .
ولعلّ وصفه سبحانه بعدم الغفلة في هذا المقام لأجل أن اليهود كانوالإنجاح محاولاتهميتكتمون ويتسترون ،ويعمدون إلى حبك المؤامرات في الخفاء ،لينجحوا في التأثير على المغفلين والبسطاء بنحو أفضل ،وليجنوا المزيد من الثمار ،ولهذا قال لهم سبحانه إذا كان بعض الناس ينخدعون بوساوسكم ومؤامراتكم لغفلتهم فإن الله يعلم بأسراركم ،وخفايا أعمالكم ،وما هو بغافل عمّا تعملون ،فعلمه محيط بكم ،وعقابه الأليم ينتظركم .
/خ101