وفي الآية التالية يأمر الله الناس بالسير في الأرض ليروا شواهد كثيرة «حيّة » من مسألة ظهور الفساد في الأرض بسبب المعاصي والذنوب من قبل الناس .ويوصي نبيّه( صلى الله عليه وآله ) أن يأمرهم بذلك ،فيقول: ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ) .
انظروا قصور «الظالمين » المتهدمة ،وأبراجها المتداعية والخزائن المطموسة ،وجماعاتهم المتفرقة ،ثمّ انظروا إلى قبورهم المدروسة وعظامهم النخرة !
وانظروا عاقبة أمر الظلم والشرك وما آلا إليه .
أجل ( كان أكثرهم مشركين ) .
والشرك أساس الفساد والانحراف والضلال !
ممّا يستلفت الانتباه ،أنّه حين كان الكلام في الآيات السابقة عن نعم الله ،كانت بدايته حول خلق الإنسان ثمّ رزقه من قبل الله ( الله الذي خلقكم ثمّ رزقكم ) إلاّ أن الكلام في الآيات محل البحث التي تتحدث عن العقاب يبدأ الكلام فيها أوّلا بالإشارة إلى زوال النعم على أثر المعاصي والذنوب ،ثمّ الهلاك على أثر الشرك ،لأنّه عند الهبة والعطاء «أوّل الأمر يذكر الخلق ثمّ الرزق » ..وعند الاسترجاع ،«فأوّل الأمر زوال النعمة ثمّ الهلاك » .
والتعبير ب( كان أكثرهم مشركين ) مع الالتفات إلى أنّ هذه السورة مكّية وكان المسلمون في ذلك الوقت قلّة ،فلعل ذلك إشارة إلى أن لا تخافوا من كثرة المشركين ،لأنّ الله أهلك من قبلهم من هو أشدّ منهم ،وأكثر جمعاً ،وهو في الوقت ذاته إنذار للطغاة ليسيروا في الأرض فينظروا بأم أعينهم عاقبة الظالمين من قبلهم !.
وحيث أن التصور والوعي والانتباه ،ثمّ العودة والإنابة إلى الله ،كل ذلكلا يكوندائماًمفيداً ومؤثراً .
/خ45