وبعد أن أفشى الله سبحانه نيّة المنافقين وبيّن أنّ مرادهم لم يكن حفظ بيوتهم ،بل الفرار من ميدان الحرب ،يجيبهم بأمرين:
الأوّل: أنّه يقول للنّبي ( صلى الله عليه وآله ): ( قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتّعون إلاّ قليلا ) .
فافرضوا أنّكم استطعتم الفرار ،فلا يعدو الأمر حالين: إمّا أن يكون أجلكم الحتميّ وموتكم قد حان ،فأينما تكونوا يأخذ الموت بتلابيبكم ،حتّى وإن كنتم في بيوتكم وبين زوجاتكم وأولادكم .
وإن لم يكن أجلكم قد حان فستعمّرون في هذه الدنيا أيّاماً قليلة اُخرى تكون مقترنة بالذلّ والهوان ،وستصبحون تحت رحمة الأعداء وفي قبضتهم ،وبعدها ستلقون العذاب الإلهي .
إنّ هذا البيان يشبه ما ورد في غزوة اُحد ،حيث أشار القرآن إلى فئة أخرى من المنافقين المثبّطين للعزائم ،والمفرّقين لوحدة الصفّ: ( قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ){[3360]} .