/م1
ولمّا كانت هناك مشاكل كثيرة ،وتهديدات ومؤامرات ،ومعوّقات في الاستمرار في سلوك هذا الطريق ،فإنّه تعالى يصدر الأمر الرابع بأن ( وتوكّل على الله وكفى بالله وكيلا ) فلو أنّ ألف عدوّ يسعى لقتلك ،فلا تخش ولا تخف منهم لأنّي ناصرك ومعينك .
ومع أنّ المخاطب في هذه الآيات هو النّبي ( صلى الله عليه وآله ) ،إلاّ أنّه خطاب لكلّ المؤمنين ،ولعامّة المسلمين ،وهو وصفة طبية تمنح الحياة ،ودواء لبث النشاط والحيوية في كلّ عصر وزمان .
وقال بعض المفسّرين: إنّ الخطاب ب ( يا أيّها ) خاصّ بالموارد التي يراد منها جلب انتباه العموم لمطلب ما ،وإن كان المخاطب واحداً ،بخلاف الخطاب ب ( يا ) والذي يستعمل في الموارد التي يراد منها شخص المخاطب{[3330]} .ولمّا كانت هذه الآيات قد بدأت ب ( يا أيّها ) فإنّها تؤكّد كون الهدف من هذه الآيات هو العموم .
والشاهد الآخر للتعميم ،هو أنّ جملة: ( إنّ الله كان بما تعملون خبيراً ) قد وردت بصيغة الجمع ،وإذا كان المخاطب هو النّبي ( صلى الله عليه وآله ) ،فينبغي أن تقول الآية: إنّ الله كان بما تعمل خبيراً.
ولا يخفى أنّ هذه الأوامر الموجّهة إلى النّبي ( صلى الله عليه وآله ) لا تعني أنّه كان مقصّراً في التقوى أو أنّه يتّبع الكافرين والمنافقين ،بل إنّ لهذه الأوامر صفة التأكيد على واجبات النّبي ( صلى الله عليه وآله ) من جهة ،وهي درس وعبرة لكلّ المؤمنين من جهة أخرى .