/م4
التّفسير
هل يمكن قبول إله واحد بدلا من كلّ تلك الآلهة ؟
المغرورون والمتكبّرون لا يعترفون بأمر لا يلائم أفكارهم المحدودة والناقصة ،إذ يعتبرون أفكارهم المحدودة والناقصة مقياساً لكلّ القيم .لذا فعندما رفع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لواء التوحيد في مكّة ،وأعلن الانتفاضة ضدّ الأصنام الكبيرة والصغيرة في الكعبة ،والبالغ عددها ( 360 ) صنماً ،تعجّبوا: لماذا جاءهم النذير من بينهم ؟( وعجبوا أن جاءهم منذر منهم ) .
كان تعجّبهم بسبب أنّ محمّداً ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجل منهم ..فلماذا لم تنزل ملائكة من السماء بالرسالة ؟..هؤلاء تصوّروا أنّ نقطة القوّة هذه نقطة ضعف ،فالذي يبعث من بين قوم ،هو أدرى باحتياجات وآلام قومه ،كما أنّه أعرف بمشكلاتهم وتفصيلات حياتهم ،ويمكن أن يكون لهم اُسوة وقدوة ،إلاّ أنّهم اعتبروا هذا الامتياز الكبير نقطة سلبية في دعوة الرّسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتعجّبوا من أمر بعثته إليهم .
وأحياناً كانوا يجتازون مرحلة التعجّب إلى مرحلة اتهام رسول الله بالسحر والكذب ( وقال الكافرون هذا ساحر كذّاب ) .
وقلنا عدّة مرّات: إنّ اتهامهم الرّسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالسحر ،إنّما نتج من جرّاء رؤيتهم لمعجزاته التي لا تقبل الإنكار وتنفذ بصورة مدهشة إلى أفكار المجتمع ،واتهامه بالكذب بسبب تحدّثه باُمور تخالف سنّتهم الخرافية وأفكارهم الجاهلية التي كانت جزءاً من الاُمور المسلّم بها في ذلك المجتمع ،وإدّعاء الرسالة من الله .
/خ7