{ وعجبوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ} أي رسول{ منهم} أي من أنفسهم .يعنى النبي صلى الله عليه وسلم{ وقال الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ* أجعل الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} أي بليغ في العجب .وذلك لتمكن تقليد آبائهم في نفوسهم ،ورسوخه في أعماق قلوبهم .ومضيّ قرون عديدة عليه ،وإلفهم به وأنسهم له ،حتى ران على قلوبهم ،وغشي على أبصارهم ،ونسي باب النظر والاستدلال .بل محي بالكلية من بينهم .وصار عندهم من أبطل الباطل وأمحل المحال .
فائدة:
روى ابن عباس في هذه الآية:( أنه لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل .فقالوا إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ،ويقول ويقول .فلو بعثت إليه فنهيته! فبعث إليه .فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل .قال فخشي أبو جهل لعنه الله ،إن جلس إلى جنب أبي طالب ،أن يكون أرق له عليه ،فوثب فجلس في ذلك المجلس .ولم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه .فجلس عند الباب ،فقال له أبو طالب:أي ابن أخي! ما بال قومك يشكونك! يزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول .قال ،وأكثروا عليه من القول .وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها .تدين لهم بها العرب .وتؤدي إليهم بها العجم الجزية .ففزعوا لكلمته ولقوله .فقال القوم:كلمة واحدة ؟ نعم ،وأبيك عشرا .فقالوا:وما هي ؟ وقال أبو طالب:وأي كلمة هي يا ابن أخي ؟ قال صلى الله عليه وسلم:لا إله إلا الله .فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون:{ أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب} ونزلت الآية ) .روا ه ابن جريروالإمام أحمد والنسائي ،والترمذي وحسّنه .