وعندما أظهر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دعوته لتوحيد الله ،أخذ أحدهم ينظر للآخر ويقول له: تعالى واسمع العجب العجاب ( أجعل الآلهة إلهاً واحداً إنّ هذا لشيء عجاب )
نعم ،فالغرور والتكبّر إضافة إلى فساد المجتمع ،تساهم جميعاً في تغيّر بصيرة الإنسان ،وجعله متعجّباً من بعض الاُمور الواقعية والواضحة ،في حين يصرّ بشدّة على التمسّك ببعض الخرافات والأوهام الواهية .
وكلمة ( عجاب ) على وزن ( تراب ) تعطي معنى المبالغة ،وتقال لأمر عجيب مفرط في العجب .
فالسفهاء من قريش كانوا يعتقدون أنّه كلّما ازدادت عدد آلهتهم ازداد نفوذهم وقدرتهم ،ولهذا السبب فإنّ وجود إله واحد يعدّ قليلا من وجهة نظرهم ،في حينكما هو معلومأنّ الأشياء المتعدّدة من وجهة النظر الفلسفية تكون دائماً محدودة ،والوجود اللامحدود واحد لا أكثر ،ولهذا السبب فإنّ كلّ الدراسات في معرفة الله تنتهي إلى توحيده .
وبعد أن يئس طغاة قريش من توسّط أبي طالب في الأمر وفقدوا الأمل ،خرجوا من بيته ،ثمّ انطلقوا وقال بعضهم لبعض ،أو قالوا لأتباعهم: اذهبوا وتمسّكوا أكثر بآلهتكم ،واصبروا على دينكم ،وتحمّلوا المشاق لأجله ،لأنّ هدف محمّد هو جرّ مجتمعنا إلى الفساد والضياع وزوال النعمة الإلهية عنّا بسبب تركنا الأصنام ،وإنّه يريد أن يترأّس علينا ( وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إنّ هذا لشيء يراد ) .