الخصوصية الرابعة لذلك اليوم ،هو كونه يوم جزاء: ( اليوم تجزى كلّ نفس بما كسبت ) .أجل ،إن ظهور وبروز الإحاطة العلمية لله تعالى وحاكميته ومالكيته وقهاريته كلها أدلة واضحة على هذه الحقيقة العظيمة المخيفة من جهة ،والمفرحة من جهة اُخرى .
أمّا الخصوصية الخامسة لذلك اليوم ،فهي ما يختصره قوله تعالى: ( لا ظلم اليوم ) .
وكيف يمكن أن يحصل الظلم ،في حين أن الظلم إمّا أن يكون عن جهل ،والله عز وجل قد أحاط بكل شيء علماً .
وإمّا أن يكون عن عجز ،والله عز وجل هو القاهر والمالك والحاكم على شيء ،لذا لا مجال لظلم أحد في محضر القدس الإلهي وفي ساحة القضاء الإلهي العادل .
الصفة السادسة والأخيرة ليوم التلاقي ،هي سرعة الحساب لأعمال العباد ،كما نقرأ ذلك في قوله تعالى: ( إنّ الله سريع الحساب ) .
وسرعة الحساب بالنسبة لله تعالى تجري كلمح البصر ،وهي بدرجة بحيث نقرأ عنها في حديث: «إنّ الله تعالى يحاسب الخلائق كلّهم في مقدار لمح البصر »{[3911]} .
وأساساً فإنّه مع القبول بمسألة تجسّم الأعمال و بقاء آثار الخير و الشر فإن مسألة الحساب مسألة محلولة ؟فهل أنّ الأجهزة المتطورة في هذه الدنيا التي تحسب مقدار العمل في أثناء العمل بحاجة الى زمان ؟!
وقد يكون الغرض من تكرار ( سريع الحساب ) في مواضع مختلفة من القرآن الكريم هو عدم انخداع الناس العاديين بوساوس الشيطان وإغوائاته ،ومن يتبعه من الذين يثيرون الشكوك بإمكانية محاسبة الخلائق على أعمالهم التي قاموا بها خلال آلاف سحيقة من السنين وعصور التأريخ .
إضافة إلى أنّ هذا التعبير يستبطن معنى التحذير لجميع الناس بأنّ ذلك اليوم لا مجال فيه للمجرمين والظالمين والقتلة ،ولا تعطى لهم الفرصة كما يحصل في هذه الدنيا ،حيث يترك ملف الظلمة والقتلة لشهور وسنين .