إنّ العذاب والعقاب الإلهي أليم بمجمله ،إلاّ أنّ تعبير «سوء العذاب » يظهر أنّ الله تبارك وتعالى انتخب لهم عذاباً أشد إيلاماً من غيره ،وهو ما تشير إليه الآية التي بعدها ،حيث قوله تعالى: ( النّار يعرضون عليها غدواً وعشياً ){[3936]} ثم: ( ويوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب ) .
وهنا نلفت النظر إلى الملاحظات الثلاث الآتية:
أولا: استخدام تعبير ( آل فرعون )إشارة إلى العائلة والأنصار و الأصحاب الضالين ،وعندما يكون هذا هو مصير الآل ،ترى ماذا يكون مصير نفس فرعون ؟
ثانياً: تقول الآية: إنهم يعرضون على النّار صباحاً ومساءً ،ثمّ تقول: في يوم القيامة يكون العذاب أشد ما يمكن .وهذا دليل على أنّ العذاب الأوّل يختص بعالم البرزخ ،وهو ممّا يلي موت الإنسان ومغادرة روحه جسده ،ويقع قبل يوم القيامة ...إنّ العرض على نار جهنّم يهز الانسان و يجعله يرتعد خوفاً وهلعاً .
ثالثاً: إن تعبير ب ( الغدو ) و ( العشي ) قد تكون فيه إشارة إلى استمرار العذاب .أو قد يفيد انقطاع العذاب البرزخي ليقتصر على ( الغدو ) و ( العشي ) أي الصبح والمساء ،وهو الوقت الذي يقترن في حياة الفراعنة وأصحابهم مع أوقات لهوهم واستعراضهم لقوتهم وجبروتهم في حياتهم الدنيا .
وينبغي أن لا نتعجب هنا من كلمتي ( الغدو ) و ( العشي ) فنسأل: وهل في البرزخ ثمّة صباح ومساء ؟لأنّ الصبح و الليل موجودان حتى في يوم القيامة ،كما نقرأ في قوله تعالى: ( ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشياً ){[3937]} .
وهذا الأمر لا يتعارض مع دوام نعم الجنّة واستمرارها ،كما جاء في الآية ( 35 ) من سورة ( الرعد ) حيث قوله تعالى: ( أكلها دائم وظلها ) حيث يمكن أن تشمل الألطاف الإلهية أهل الجنّة في خصوص هذين الوقتين ،بينما تكون نعم الجنّة دائمة باقية .
/خ46