الآية الأخيرة في هذا البحث تتحدث عن أهم مظهر من مظاهر قدرة الله تبارك وتعالى متمثلة بقضية الحياة والموت ،هاتان الظاهرتان اللتان لا تزالان بالرغم من تقدم العلم وتطوره في نطاق الأمور الغامضة والمجهولة في معرفة الإنسان وعلمه .
قول تعالى: ( هو الذي يحيي ويميت ) .
إنّ الحياة والموتبالمعنى الواسع للكلمةبيد الله ،سواء تعلق ذلك بالإنسان أو النبات أو أنواع الحيوان والموجودات الأُخرى التي تتجلى فيها الحياة بأشكال متنوعة .
إنّ نماذج الحياة تعتبر أكثر النماذج تنوعاً في عالم الوجود وكل الكائنات تنتهي بأجل معين إلى الموت ،سواء في ذلك الكائن ذو الخلية الواحدة أو الحيوانات الكبيرة ،أو التي تعيش في الأعماق المظلمة للمحيطات والبحار ،أو الطيور التي تعانق السماء ،ومن الأحياء أحادية الخلية السابحة في أمواج المحيطات إلى الأشجار التي يبلغ طولها عشرات الأمتار ،فإنّ لكل واحد منها حياة خاصّة وشرائط معينة ،وبهذه النسبة تتفاوت عملية موتها ،وبدون شك فإن أشكال الحياة هي أكثر أشكال الخلقة تنوعاً وأعجبها .
إنّ الانتقال من عالم إلى آخر ؛من الوجود المادي الى الحياة ،ومن الحياة في هذه الدّنيا الى ما بعد الموت يستبطن أسراراً وعجائب بليغة تحكي عظمة الخالق ومدى قدرته في هذه الخليقة العجيبة المتنوعة وكل واحدة من هذه القضايا المعقدة والمتنوعة لا تعتبر مشكلة وعسيرة في متناول قدرة الخالق جلّ وعلا ،حيث تتحقق بمجرّد إرادته .
لذلك تقول الآية في نهايتها بياناً لهذه الحقيقة: ( فإذا قضى أمراً فإنّما يقول له كن فيكون ) .
إنّ كلمة «كن » وبعدها «فيكون » هي من باب عدم قدرة الألفاظ على استيعاب حقيقة الإرادة والقدرة الإلهية ،وإلاّ فليس ثمّة من حاجة إلى هذه الجملة ،لأنّ إرادة الله هي نفسها حدوث الكائنات ووجودها{[3963]} بدون فصل .