ثم يقول تعالى: ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربّكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين{[4015]} ){[4016]} .
هل أن هذا الحديث هو من قبل الله تعالى ،وأن كلام الأعضاء والجوارح ينتهي إلى قوله تعالى: ( أنطقنا الله الذي أنطق كلّ شيء ) ،أم أنّ ما يليه استمرار له ؟
المعنى الثّاني يبدو أكثر توافقاً ،وعبارات الآية تتلاءم معه أكثر ،بالرغم من أن أعضاء الجسم وجوارحه إنّما تتحدث هنا بأمر الله تعالى وبإرادته ،والمعنى في الحالتين واحد تقريباً .
بحث
الأوّل: حسن الظن وسوء الظن بالله تعالى
توضح الآيات بشكل قاطع خطورة سوء الظن بالله تعالى ،ومآل ذلك إلى الهلاك والخسران .
وبعكس ذلك فإنّ حسن الظن بالله تعالى سبب للنجاة في الدنيا والآخرة .
وفي حديث عن الإمام الصادق( عليه السلام ) يقول: «ينبغي للمؤمن أن يخاف الله خوفاً كأنّه يشرف على النّار ،ويرجوه رجاءً كأنّه من أهل الجنّة ،إنّ الله تعالى يقول: ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربّكم ) ... ثم قال: إنّ الله عند ظن عبده ،إن خيراً فخير ،وإن شراً فشر »{[4017]} .
وروي عن الصادق( عليه السلام )عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ): أنّ الله إذا حاسب الخلق يبقى رجل قد فضلت سيئاته على حسناته ،فتأخذه الملائكة إلى النّار وهو يلتفت ،فيأمر الله بردّه ،فيقول له: لم التفت ؟ وهو تعالى أعلم بهفيقول: يا ربّ ما كان هذا ظنّي بك ،فيقول الله تعالى: يا ملائكتي !وعزّتي وجلالي والائي وعلوي وارتفاع مكاني ،ما ظن بي عبدي هذا ساعة من خير قط ،ولو ظنّ بي ساعة من خير ما ودعته بالنّار ،أجيزوا له كذبه وأدخلوه الجنّة » .ثمّ أضاف رسول الله: ليس من عبد يظن بالله عز وجل خيراً إلاّ كان عند ظنّه به وذلك قوله عز وجل: ( وذلكم ظنّكم الذي ظننتم بربّكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ){[4018]} .