الآية التالية تشير إلى صفة اُخرى من صفات الإنسان الجاهل البعيد عن العلم والإيمان متمثلة بالغرور: ( ولئن أذقناه رحمةً منّا من بعد ضرّاء مسته ليقولن هذا لي ){[4060]} أي إنّني مستحق ولائق لمثل هذه المواهب والمقام .
إنّ الإنسان المغرور ينسى أنّ البلاء كان من الممكن أن يشمله عوضاً عن النعمة ،تماماً كما قال قارون: ( قال إنّما أوتيته على علم عندي ){[4061]} .
تضيف الآية بعد ذلك أنّ هذا الغرور يقود الإنسان في النهاية إلى إنكار الآخرة حيث يقول: ( وما أظن الساعة قائمة ) .ولنفرض أنّ هناك قيامة فإنّ حالي سيكون أحسن من هذا: ( ولئن رجعت إلى ربّي إن لي عندهُ للحسنى ) .
إنّ هذه الحالة تشابه ما استمعنا إليه في سورة الكهف من قصة الرجلين الذين كان أحدهما غنياً مغروراً ،والثّاني عارفاً مؤمناً ، حيث حكت الآية على لسان الثري المغرور قوله: ( ما أظن أن تبيد هذه أبداً ،وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربّي لأجدن خيراً منها منقلباً ){[4062]} .
لكنّ الله يحذّر أمثال هؤلاء بقوله تعالى: ( فلننبئنّ الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ ) .
«العذاب الغليظ » هو العذاب الشديد المتراكم .
نفس هذا المعنى لاحظناه في مكان آخر من القرآن ،في قوله تعالى في الآية ( 10 ) من سورة هود: ( ولئن أذقناه نعماء بعد ضرّاء مسّته ليقولن ذهب السيئات عنّي إنّه لفرح فخور ) .
الآية التي بعدها تذكر حالة ثالثة لمثل هؤلاء ،هي حالة النسيان عند النعمة والفزع والجزع عند المصيبة .