وتبيّن الآية التالية جواب الأنبياء السابقين على حجج هؤلاء المشركين والمنحرفين بوضوح تام ،فتقول: ( قال أو لو جئتكم بأهدى ممّا وجدتم عليه آباءكم ){[4193]} ؟
هذا التعبير هو أكثر التعابير المؤدبة الممكن طرحها أمام قوم عنيدين مغرورين ،ولا يجرح عواطفهم أو يمسها مطلقاً ،فهو لا يقول: إن ما تقولونه كذب وخرافة ،بل يقول: إن ما جئت به أهدى من دين آبائكم ،فتعالوا وانظروا فيه وطالعوه .
إنّ مثل هذه التعبيرات القرآنية تعلمنا آداب المحاورة والمجادلة وخاصّة أمام الجاهلين المغرورين .
ومع كل ذلك ،فإنّ هؤلاء كانوا غرقى الجهل والتعصب والعناد بحيث لم يؤثّر فيهم حتى هذا المقال المؤدب الرقيق ،فكانوا يجيبون أنبياءهم بجواب واحد فقط: ( قالوا إنّا بما أرسلتم به كافرون ) دون أن يأتوا بأيّ دليل على مخالفتهم ،ودون أن يتأملوا في الإِقتراح المعقول المتين لأنبياء الله ورسله .