والأجر الرابع أو النعمة الرابعة التي كانت على أثر بيعة الرضوان من نصيب المسلمين كما تقول الآية التالية هي: ( ومغانم كثيرة يأخذونها ) .
وواحدة من هذه الغنائم الكثيرة هي «غنائم خيبر » التي وقعت في أيدي المسلمين بعد فترة قصيرة من قضية الحديبيّة ،ومع الالتفات إلى ثروة اليهود الكثيرة جدّاً تعرف أهمية هذه الغنائم .
إلاّ أنّ تحديد هذه الغنائم بغنائم خيبر لا دليل قطعي عليه ،ويمكن عدّ الغنائم الأُخرى التي وقعت في أيدي المسلمين خلال الحروب الإسلامية بعد فتح ( الحديبيّة ) في هذه الغنائم الكثيرة !
وحيث أنّ على المسلمين أن يطمئنوا بهذا الوعد الإلهي اطمئناناً كاملاً فإنّ الآية تضيف في الختام: ( وكان الله عزيزاً حكيماً ) .
فإذا ما أمركم في الحديبيّة أن تصالحوا فإنّما هو على أساس من حكمته ،حكمة كشف عن إسرارها الأستار مضي الزمن ،وإذا ما وعدكم بالفتح القريب والغنائم الكثيرة فهو قادر على أن يُلبس وعده ثياب الإنجاز والتحقّق !
وهكذا فإنّ المسلمين المضحّين الأوفياء أولي الإيمان والإيثار اكتسبوا في ظل بيعة الرضوان في تلك اللحظات الحسّاسة انتصاراً في الدنيا والآخرة ،في حين أنّ المنافقين الجهلة وضعاف الإيمان احترقوا بنار الحسرات !
ونختم حديثنا بكلام لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيث يتحدّث عن بسالة المسلمين الأوائل وثباتهم وجهادهم الذي لا نظير له ويخاطب ضعاف الإيمان موبّخاً إيّاهم على خذلانهم فيقول: «فلمّا رأى الله صدقنا أنزل بعدوّنا الكبت وأنزل علينا النصر حتى استقر الإسلام ملقياً جرانه ومتبوّئاً أوطانه ولعمري لو كنّا نأتي ما أتيتم .ما قام للدين عمود .ولا اخضرّ للإيمان عود وأيم الله لتحتلبنّها دماً ولتتبعنّها ندماً !»{[4558]} .