التّفسير
رضي الله عن المشتركين في بيعة الرضوان:
ذكرنا آنفاً أنّه في الحديبيّة جرى حوار بين ممثلي قريش والنّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )وكان من ضمن السفراء «عثمان بن عفان » الذي تشدّه أواصر القُربى بأبي سفيان ،ولعلّ هذه العلاقة كان لها أثر في انتخابه ممثلاً عن النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فبعثه إلى أشراف مكّة ومشركي قريش ليطلعهم على أنّ النّبي لم يكن يقصد الحرب والقتال بل هدفه زيارة بيت الله واحترام الكعبة المشرّفة بمعية أصحابه ..إلاّ أنّ قريشاً أوقفت عثمان مؤقتاً وشاع على أثر ذلك بين المسلمين أنّ عثمان قد قُتل !فقال النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ): لا أبرح مكاني هذا حتى أقاتل عدوّي !
ثمّ جاء إلى شجرة هناك فطلب من المسلمين تجديد البيعة تحتها ،وطلب منهم أن لا يقصّروا في قتالهم المشركين وأن لا يُولّوا أدبارهم من ساحات القتال{[4543]} .
فبلغ صدى هذه البيعة مكّة واضطربت قريش من ذلك بشدّة وأطلقوا عثمان .
وكما نعرف فإنّ هذه البيعة عرفت ببيعة الرضوان وقد أفزعت المشركين وكانت منعطفاً في تاريخ الإسلام .
فالآيتان محل البحث تتحدّثان عن هذه القصة فتقول الأولى: ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) .
والهدف من هذه البيعة الانسجام أكثر فأكثر بين القوى وتقوية المعنويات وتجديد التعبئة العسكرية ومعرفة الأفكار واختبار ميزان التضحية من قبل المخلصين الأوفياء !
وهذه البيعة أعطت روحاً جديداً في المسلمين لأنّهم أعطوا أيديهم إلى النبيّ وأظهروا وفاءهم من أعماق قلوبهم .
فأعطى الله هؤلاء المؤمنين المضحّين والمؤثرين على أنفسهم نفس رسول الله في هذه اللحظة الحسّاسة والذين بايعوه تحت الشجرة أعطاهم أربعة أجور ،ومن أهمّ تلك الأجور والاثابات الأجر العظيم وهو «رضوانه » كما عبّرت عنه الآية ( 72 ) من سورة التوبة ( ورضوان من الله أكبر ) ..أيضاً .
ثمّ تضيف الآية قائلة: ( فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم ) .
سكينة واطمئناناً لا حدّ لهما ،وهم بين سيل الأعداء في نقطة بعيدة عن الأهل والديار والعدو مدجّج بالسلاح ،في حين أن المسلمين عُزّل من السلاح «لأنّهم جاؤوا بقصد العمرة لا من أجل المعركة » فوقفوا كالجبل الأشم لم يجد الخوف طريقاً إلى قلوبهم !.
وهذا هو الأجر الثّاني والموهبة الإلهية الأُخرى ،وأساساً فإنّ الألطاف الخاصة والإمدادات الإلهية تشمل حال المخلصين والصادقين .
لذلك فإنّنا نقرأ حديثاً عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) يقول فيه !: «إنّ العبد المؤمن الفقير ليقول يا ربّ ارزقني حتى افعل كذا وكذا من البرّ ووجوه الخير فإذا علم الله عزَّ وجلَّ ذلك منه بصدق نيّته كتب الله له من الأجر مثل ما يكتب له لو عمله إنّ الله واسع كريم »{[4544]} .
وفي ذيل هذه الآية إشارة إلى الأجر الثّالث إذ تقول الآية: ( وأثابهم فتحاً قريباً ) .
أجل ،هذا الفتح وهو فتح خيبر كما يقول أغلب المفسّرين [ وإن كان يرى بعضهم أنّه فتح مكّة] هو ثالث أجر وثواب للمؤمنين المؤثرين ،المضحّين .
والتعبير ب«قريباً » تأييد على أنّ المراد منه «فتح خيبر » ،لأنّ هذا الفتح حدث وتحقّق بعد بضعة أشهر من قضيّة الحديبيّة وفي بداية السنة السابعة للهجرة !
بحث
البيعة وخصوصيّاتها !
«البيعة » من مادة «بيع » وهي في الأصل إعطاء اليد عند إقرار المعاملة .ثمّ أطلق هذا التعبير على مدّ اليد على المعاهدة ،وهكذا كانت حين كان الشخص يريد أن يعلم الآخر بوفائه له وأن يطيع أمره ويعرفه رسميّاً فيبايعه ويمدّ له يده ،ولعلّ إطلاق هذه الكلمة من جهة أنّ كلاًّ من الطرفين يتعهّد كما يتعهّد ذوا المعاملة فيما بينهما ،وكان المبايع مستعداً أحياناً أن يضحّي بروحه أو بماله أو بولده في سبيل الطاعة !والذي يقبل البيعة يتعهّد على رعايته وحمايته والدفاع عنه !..
يقول «ابن خلدون » في مقدمة تأريخه في هذا الصدد «كانوا إذا بايع الأمير جعل أيديهم في يده تأكيداً فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري »{[4545]} .
وتدل القرائن على أنّ البيعة ليست من إبداعات المسلمين ،بل هي سنّة متّبعة بين العرب قبل الإسلام ،ولهذا السبب فإنّ طائفة من «الأوس والخزرج » جاءوا في بداية الإسلام خلال موسم الحج من المدينة لى مكّة وبايعوا النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )في العقبة ،وكان تعاملهم في قضية البيعة يوحي بأنّها أمر معروف ،وبعدها وخلال فرص ومناسبات متعدّدة جدّد النّبي البيعة مع المسلمين ،وكانت إحداها هذه البيعة التي عرفت ببيعة الرضوان في الحديبيّة ،وأوسع منها البيعة التي كانت عند فتح مكّة ،وسيأتي بيانها وشرحها في تفسير «سورة الممتحنة » بإذن الله !
ولكن كيف تتم البيعة ؟!..بصورة عامّة تتمّ البيعة كما يلي:
يمدّ المبايع يده إلى يد المبايَع ويبدي الطاعة والوفاء بلسان الحال أو المقال !..وربّما ذكر شروطاً أو حدوداً لبيعته كأن يعقد البيعة على بذل ماله !أو بذل روحه أو بذل جميع الأشياء حتى الولد والمرأة !
وقد تقع البيعة أحياناً على أن لا يفرّ المبايعُ أبداً أو أن يبقى على عهده وبيعته حتى الموت «وكان هذان المعنيان جميعاً في بيعة الرضوان كما صرَّحت بذلك التواريخ » .
وكان النّبي الكريم يقبلُ بيعة النساء أيضاً لكن لا على أن يمددن أيديهنّ إلى يده الكريمة بل كان يأمر بإناء كبير فيه ماء فيدخل يده في طرف منه وتدخل يدها في طرف آخر .
وكان يشترط في البيعة أحياناً على عمل معيّن أو ترك عمل معيّن كما اشترط النبيّ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على النساء المبايعات له بعد مكّة على ألاّ ( يُشركنَ بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ...){[4546]} .
وعلى كلّ حال فإنّ في أحكام البيعة بحوثاً مختلفة نشير إليها هنا على نحو الإيجاز والاختصار وإن كانت مسائل هذا البحث محاطة بهالة من الإبهام في الفقه الإسلامي:
1«ماهية البيعة » نوع من العقد والمعاهدة بين المبايع من جهة والمبايَع من جهة أخرى ،ومحتواها الطاعة والإتّباع والدفاع عن المبايَع ،ولها درجاتٌ طبقاً للشروط الذي يذكرونها فيها: ويستفاد من لحن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية أنّ البيعة نوع من العقد اللازم من جهة المبايع ،ويجب العمل طبقاً لما بايع عليه ،ويكون مشمولاً بالقانون الكلّي «أوفوا بالعقود » فعلى هذا لا يحقّ للمبايع الفسخ ،ولكن المبايَع له أن يفسخ البيعة إن وجد في الأمر صلاحاً وفي هذه الصور يتحرر للمبايع من بيعته{[4547]} .
2ويرى البعض أنّ البيعة شبيهة بالانتخابات أو نوعاً منها ،في حين أنّ الانتخابات على العكس منها تماماً ،أي أنّ ماهيتها نوع من إيجاد المسؤولية الوظيفة والمقام للمنتخب ،أو بتعبير آخر هي نوع من التوكيل في عمل ما بالرغم من أنّ الانتخاب يقتضي وظائف على المنتخِب أيضاً «كسائر الوكالات » في حين أنّ البيعة ليست كذلك !
وبتعبير آخر إنّ الانتخابات تعني إعطاء «المقام » وكما قلنا هي شبيهة بالتوكيل في حين أنّ البيعة تعهد بالطاعة !
ومن الممكن أن يتشابه كلٌّ من البيعة والانتخاب في بعض الآثار ،لكن هذا التشابه لا يعني وحدة المفهوم والماهية أبداً ..
ولذلك لا يمكن للمبايع أن يفسخ البيعة ،في حين أنّ المنتخبين لهم الحق في الفسخ في كثير من المواطن بحيث يستطيع جماعةٌ ما أن يعزلوا المنتخب «فلاحظوا بدقة » !
3وبالنسبة للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمّة المعصومين المنصوبين من قبل الله تعالى لا حاجة لهم بالبيعة ،أي أنّ طاعة النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والإمام المعصوم والمنصوب من قبل الله واجبة سواءً على من بايع أو لم يبايع !
وبتعبير آخر: إنّ لازم مقام النبوّة والإمامة وجوب الطاعة كما يقول القرآن الكريم: ( أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم ){[4548]} .
لكن ينقدح هنا هذا السؤال وهو إذا كان الأمر كذلك فعلامَ أخذ النّبي من أصحابهالبيعة كراراًأو المسلمين الجدد ،وقد ورد في القرآن الإشارة إلى حالتين منها بصراحة إحداهما «بيعة الرضوان »محل البحثوالأُخرى «البيعة مع أهل مكّة » المشار إليها في سورة الممتحنة !.
وفي الإجابة على هذا السؤال نقول: لا شك أنّ هذه المبايعات كانت نوعاً من التأكيد على الوفاء ،وقد أُديّت في ظروف خاصة ولا سيما في مواجهة الأزمات والحوادث الصعبة لتنبض في ظلّها روح جديدة في الأفراد كما وجدنا تأثيرها المذهل في بيعة الرضوان في البحث السابق !..
إلاّ أنّه فيما يتعلّق بمبايعة الخلفاء فقد كانت البيعة على أساس أنّها قبول لمقام الخلافة وإن كنّا لا نعتقد بخلافة من يخلف النّبي والتي تؤخذ البيعة لها عن طريق الناس ،بل هي من قبل الله وتتحقّق بالنص من قِبل النّبي أو الإمام السابق على اللاحق !
ومن هذا المنطلق فإنّ البيعة التي بايعها المسلمين لعلي ( عليه السلام ) أو للحسن أو الحسين( عليهما السلام ) فيها ( جنبة ) تأكيد على الوفاء وهي شبيهة ببيعة النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
4هل البيعة في العصر الحاضر مقبولة على أنّها أصل إسلامي ،أو بتعبير آخر: هل يمكن تعميم البيعة ،وهل للجماعة الفلانية أن تختار شخصاً لائقاً وواجداً للشرائط الشرعية كأن يكون آمراً للقوات المسلّحة أو رئيساً للجمعية أو رئيساً للحكومة فتبايعه ؟فهل أنّ مثل هذه البيعة مشمول بأحكام الشارع للبيعة ؟!
وحيث أنّه لا يوجد عموم ولا إطلاق في القرآن والسنّة في خصوص البيعة فمن المشكل تعميم هذه المسألة وإن كان الاستدلال بعموم الآية ( أوفوا بالعقود ) غير بعيد !
ولكن مع هذا الإبهام في المسائل المرتبطة بالبيعة فإنّ هناك مانعاً من أن نعوّل بصورة قطعية على ( أوفوا بالعقود ) وخاصةً أنّنا لا نجد في الفقه أي مورد للبيعة لغير النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والإمام المعصوم .
وينبغي الالتفات إلى هذه «اللطيفة » وهي أن مقام نيابة الوليّ الفقيه في نظرنا مقام منصوص عليه من قبل الأئمة المعصومين( عليهم السلام ) ولا حاجة له بالبيعة وبالطبع فإنّ اتباع الناس للولي الفقيه وطاعتهم له يمنحه الإمكان من الاستفادة من هذا المقام ويعطيهكما هو مصطلح عليهبسط اليد ،لكنّ هذا لا يعني أنّ مقامه مشروط بتبعيّة الناس له ،ثمّ إنّ اتباع الناس إيّاه لا علاقة له بالبيعة ،بل هو عمل بحكم الله في شأن ولاية الفقيه «فلاحظوا بدقّة » .
5وعلى كلّ حال فإنّ البيعة مرتبطة بالمسائل الإجرائية ولا علاقة لها بالأحكام ،أي إنّ البيعة لا تمنح أحداً حق «التشريع والتقنين » أبداً ..بل يجب أن تؤخذ القوانين من الكتاب والسنّة ثمّ تنفذ في حيّز الواقع ،ولا كلام لأحد في هذا .
6يستفاد من الرّوايات أنّ البيعة مع الإمام المعصوم ينبغي أن تكون خالصةً لله ،وبتعبير آخر هي من الأُمور التي يلزم فيها قصد القربة .
فقد ورد عن النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم ،رجل بايع إماماً لا يبايعه إلاّ للدنيا ،إن أعطاه ما يريده وفى له وإلاّ كفّ ورجلاً بايع رجلاً بسلعته بعد العصر فحلف بالله عزَّ وجلَّ لقد أُعطى بها كذا وكذا فصدّقه وأخذها ولم يُعط فيها ما قال ورجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه ابن السبيل »{[4549]} .«والتعبير بالعصر لعلّه لشرف هذا الوقت أو لأنّ كثيراً من الباعة يبيعون أجناسهم بالقيمة التي اشتروها في هذا الوقت » .
7«نكث البيعة » من الذنوب الكبيرة ،ونقرأ حديثاً عن الإمام موسى بن جعفر أنّه قال: «ثلاث موبقات ،نكث الصفقة ،وترك السنّة ،وفراق الجماعة »{[4550]} .
ويظهر أنّ المراد من «ترك السنّة » هي ترك القوانين التي جاء بها النّبي محمّد( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفراق الجماعة معناها الإعراض عنها لا محض عدم المشاركة في الجماعة .
8البيعة في كلام الإمام علي ( عليه السلام )
هناك في نهج البلاغة كلمات تؤكّد على البيعة وقد عوّل الإمام علي ( عليه السلام ) عليها مراراً وأنّ الناس بايعوه .
ومن جملتها أنّه قال في بعض خطبه: «أيّها الناس إنّ لي عليكم حقّاً ولكم عليَّ حق فأمّا حقكم عليَّ فالنصيحة لكم وتوفير فيئكم عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا وتأديبكم كيما تعلموا » ثمّ يضيف ( عليه السلام ): «وأمّا حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصيحة بالمشهد والمغيب والإجابة حين أدعوكم والطاعة حين أمركم »{[4551]} .
ويقول ( عليه السلام )في مكان آخر: «لم تكن بيعتكم إيّاي فلتةً »{[4552]} .
وفي خطبته التي خطبها قبل حرب الجمل والتحرّك من المدينة نحو البصرة أشار إلى بيعة الناس إيّاه وأن يثبتوا على ما بايعوه فقال ( عليه السلام ): «وبايعني الناس غير مستكرهين ولا مجبرين بل طائعين مخيّرين »{[4553]} .
ونقرأ أخيراً في بعض كتبه لمعاوية حين لم يبايع الإمام عليّاً وكان يريد الانتقاد من علي ( عليه السلام ) قوله: «بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد »{[4554]} .
ويستفاد من بعض عبارات النهج أنّ البيعة ليست أكثر من مرة واحدة ولا سبيل لتجديد النظر فيها وليس فيها اختيار الفسخ ،ومن يخرج منها فهو طاعن ،ومن يتريث ويفكر في قبولها أو ردّها فهو منافق .
[ إنّها بيعة واحدة لا يثنَّى فيها النظر ولا يستأنف فيها الخيار ؛الخارج منها طاعن والمروّي فيها مداهن]{[4555]} .
ويستفاد من مجموع هذه التعابير أنّ الإمام( عليه السلام ) استدلّ على من لم يقبلوا بأنّ إمامته منصوص عليها من قِبل النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )وكانوا يتذرّعون بحجج واهيةبالبيعة التي كانت عندهم من المسلم بها ،ولم تكن لهم الجرأة على أن يرفضوا طاعة الإمام ويسمعوا لمعاوية وأمثال معاوية ،فكما أنّهم يرون مشروعية الخلافة للخلفاء الثلاثة السابقين ،فعليهم أن يعتقدوا بأنّ خلافة الإمام مشروعة أيضاً وأن يذعنوا له «بل إنّ خلافته أكثر شرعيةً لأنّ بيعته كانت أوسع وكانت حسب رغبة الناس ورضاهم » .
فبناءً على هذا لا منافاة بين الاستدلال بالبيعة ومسألة نصب الإمام بواسطة الله والنّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتأكيد البيعة .
لذلك فإنّ الإمام يشير في مكان من ( نهج البلاغة ) نفسه بحديث الثقلين الذي هو من نصوص الإمامة{[4556]} كما يشير في مكان آخر إلى مسألة الوصية والوراثة{[4557]} .[ فلاحظوا بدقّة] .
كما يشير ( عليه السلام ) في بعض عباراته الأُخرى إلى لزوم الوفاء بالبيعة وعدم إمكان الفسخ والنكث وتجديد النظر وعدم الحاجة إلى التكرار وهذه هي مسائل مقبولة بالنسبة للبيعة أيضاً .
ويستفاد من هذه التعابير ضمناً بصورة جيّدة أنّ البيعة إذا كانت فيها «جنبة » إكراه أو إجبار أو أخذت على حين غرّة من الناس فلا عبرة بها ولا قيمة لها بل البيعة الحق التي تكون في حال الاختيار والحرية والإرادة والتفكّر والتدبّر .