ويضيف في الآية اللاحقة قوله سبحانه: ( ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام ) .
«وجه » معناه اللغوي معروف وهو القسم الأمامي للشيء بحيث يواجهه الإنسان في الطرف المقابل ،واستعمالها بخصوص لفظ الجلالة يقصد به ( الذات المقدّسة ) .
فسّر البعض ( وجه ربّك ) بمعنى الصفات الإلهية المقدّسة ،التي عن طريقها تنزل نعم وبركات الله على الإنسان كالرحمة والمغفرة والعمل والقدرة .
ويحتمل أن يكون المقصود هي الأعمال التي تنجز من أجل الله ،وبناءً على هذا فالجميع يفنى ،والشيء الباقي هي الأعمال التي تنجز بإخلاص ولرضى الله تعالى ..
إلاّ أنّ المعنى الأوّل هو الأنسب .
أمّا ( ذو الجلال والإكرام ) والذي هو وصف ل ( الوجه ) فإنّه يشير إلى صفات الجمال والجلال لله سبحانه ،لأنّ ( ذو الجلال ) تنبّئنا عن الصفات التي يكون الله أسمى وأجلّ منها ( الصفات السلبية ) .وكلمة «الإكرام » تشير إلى الصفات التي تظهر حسن وقيمة الشيء ،وهي الصفات الثبوتية لله سبحانه كعلمه وقدرته .
وبناءً على هذا فإنّ معنى الآية بصورة عامّة يصبح كالآتي: إنّ الباقي في هذا العالم هو الذات المقدّسة لله سبحانه ،والتي تتّصف بالصفات الثبوتية والمنزّهة عن الصفات السلبية .
كما فسّر البعض أنّ ( ذو الإكرام ) هو إشارة إلى الألطاف والنعم الإلهية التي تفضّل الله بها وأكرمها لخاصّة أوليائه ،ومن الممكن الجمع بين هذه المعاني المختلفة للآية أعلاه .
ونقرأ في حديث أنّ رجلا كان يصلّي في محضر الرّسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث دعا الله سبحانه كذلك: «اللهمّ إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلاّ أنت المنّان ،بديع السماوات والأرض ،ذو الجلال والإكرام ،يا حيّ يا قيّوم » .
فقال الرّسول ( صلى الله عليه وآله وسلم )لأصحابه: «أتدرون بأي اسم دعا الله ؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم .
قال: «والذي نفسي بيده ،لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب ،وإذا سئل به أعطى »{[4921]} .
/خ30