وفي هذه الآيات وضمن بيان المصير المرعب لهؤلاء يشير إلى السبب الحقيقي لذلك ،فمن جهة أعطاهم الله تعالى الأذن السامعة والعقل ،ومن جهة أخرى بعث إليهم الرسل والأنبياء بالدلائل الواضحة فلو اقترن هذان الأمران فالنتيجة هي ضمان سعادة الإنسان ،أمّا لو كان للإنسان أذن لا يسمع بها ،وعين لا يبصر بها ،وعقل لا يفكّر به ،فلو جاءه جميع الأنبياء والمرسلين بكافّة معاجزهم وكتبهم ،لم ينتفع بشيء .وقد ورد في الحديث الشريف ،أنّ بعض المسلمين ذكروا شخصاً عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأثنوا عليه ،فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ): «كيف عقل الرجل » فقيل: يا رسول الله نحن نسأل عن سعيه وعبادته وخيراته وأنت تسأل عن عقله ؟!فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ): «إنّ الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر ،وإنّما يرتفع العباد غداً في الدرجات وينالون الزلفى من ربّهم على قدر عقولهم !» .
«سحق » على وزن ( قفل ) وهي في الأصل بمعنى طحن الشيء وجعله ناعماً كما تطلق على الملابس القديمة ،إلاّ أنّها هنا بمعنى البعد عن رحمة الله ،وبناءً على هذا فإنّ مفهوم قوله تعالى: ( فسحقاً لأصحاب السعير ) هو: فبعداً لأصحاب النار عن رحمة الله ،ولأنّ لعنة وغضب الله تعالى يكون توأماً مع التجسيد الخارجي له ،فإنّ هذه الجملة بمثابة الدليل على أنّ هذه المجموعة بعيدة عن رحمة الله بشكل كلّي .
/خ11