/م172
يقول الله سبحانه مخاطباً نبيّه في هذه الآية ( وإذْ أخذ ربُّك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا !...) .
«الذريّة » كما يقول أهل اللغة وعلماؤها ،معناها في الأصل الأبناء الصغار اليافعون ،إلاّ أنّها تطلق في الغالب على عموم الأبناء ،وقد تستعمل هذه الكلمة في معنى المفرد ،كما قد تستعمل في معنى الجمع ،إلاّ أنّها في الأصل تحمل معنى الجمع !
والجذر اللغوي لهذه الكلمة مُختَلفٌ فيه ،إذ احتملوا له أوجهاً متعددة ..
فقال بعضهم: إنّ جذر هذه الكلمة مأخوذ من «ذَرَأَ » على زنة «زَرَعَ » ومعناه الخلق ،فعلى هذا الوجه يكون معنى الذرية مساوياً «للمخلوق » .
وقال بعضهم: بل الجذر مأخوذ من «ذَرَّ » على وزن «شَرَّ » ويعني الموجودات الصغيرة جدّاً كذرّات الغبار مثلا والنمل الصغير ،ومن هنا فإنّ أبناء الإنسان تبدأ حياتهم من نطفة صغيرة جداً .
والاحتمال الثّالث أنّه مأخوذ من مادة ذَرْو ومعناه النثر والتفريق والتنقية [ ومنه ذَرْوُ الحنطة{[1489]}] وإنما سمي أبناء الإنسان بالذرية لأنّهم يتفرقون في أنحاء الأرض بعد التكاثر !
ثمّ يشير الله سبحانه إلى الهدف النهائي من هذا السؤال والجواب ،وأخذ العهد من ذرية آدم في مسألة التوحيد ،فيقول: ( أن تقولوا يوم القيامة إنّا كنّا عن هذا غافلين ) .
/خ173