على كل حال بعد توضيح أهميّة الصلاة وأنّها من أهم الأعمال ومن أهم أوصاف المؤمنين تنتقل الآيات إلى ذكر الصفة الصّانية فيضيف تعالى: ( والذين في أموالهم حقّ معلوم للسّائل والمحروم )
وبهذا سوف يحافظون على ارتباطهم بالخالق من جهة ،وعلاقتهم بخلق اللّه من جهة أخرى .
ويعتقد بعض المفسّرين أنّ المراد هنا من «حقّ المعلوم » هو الزّكاة المفروضة التي فيها المقدار المعين ،وموارد صرف ذلك المقدار هو السائل والمحروم ،ولكن هذه السورة مكّيه وحكم الزّكاة لم يكن قد نزل في مكّة ،ولو فرض نزوله لم يكن هناك تعيّن للمقدار ،ولذا يعتقد البعض أنّ المراد من حقّ المعلوم هو شيء غير الزّكاة والذي يجب على الإنسان منحه للمحتاجين ،والشّاهد على هذا ما نقل عن الإمام الصّادق( عليه السلام ) عندما سئل عن تفسير هذه الآية وهل هذا شيء غير الزّكاة فقال( عليه السلام ): «هو الرجل يؤتيه اللّه الثروة من المال ،فيخرج منه الألف والألفين والثلاثة الآف والأقل والأكثر ،فيصل به رحمه ،ويحمل به الكَلّ عن قومه »{[5448]} .
والفرق بين «السائل » و«المحروم » هو أنّ السائل يفصح عن حاجته ويسأل ،والمحروم هو الذي لا يسأل لتعففه وحيائه ،وجاء في حديث عن الإمام الصّادق( عليه السلام ): «المحروم من يجد المشقّة في كسبه وعمله وهو محارف »{[5449]} .
هذا الحديث هو أيضاً يوافق ذلك التّفسير المذكور سلفاً ،لأن مثل هؤلاء يكونون متعففين .
جاء في تفسيرنا هذا في ذيل الآية ( 19 ) من سورة الذاريات بحث حول الحقّ المذكور وتفسير السائل والمحروم .
على كلّ ،فإنّ هذا العمل له أثره الاجتماعي في مجاهدة الفقر والحرمان من جهة ،ومن جهة أُخرى يترك آثاراً خُلقية جيدة على الذين يؤدّون ذلك العمل ،وينتزع ما في قلوبهم وأرواحهم من أدران الحرص والبخل وحبّ الدنيا .