وبعد أن تبيّن الآيات العناية الرّبانية للنّبي الأكرم( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،تنتقل إلى بيان مهمته الرئيسية: ( فذكّر إن نفعت الذكرى ) .
قيل: الإشارة هنا إلى أنّ التذكير بحدّ ذاته نافع ،وقليل اُولئك من الذين لا ينتفعون به ،والحد الأدنى للتذكير هو إتمام الحجّة على المنكرين ،وهذا بنفسه نفع عظيم{[5934]} .
ولكن ثمّة من يعتقد أنّ في الآية محذوف ،والتقدير: ( فذكّر إن نفعت الذكرى أو لم تنفع ) ،وهذا يشبه ما جاء في الآية ( 18 ) من سورة النحل: ( وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر ) ،فذكر «الحر » وأضمر ( البرد ) لوضوحه بقرينة المقابلة .
وهناك مَن يؤكّد على أنّ الجملة الشرطية في الآية ،لها مفهوم ،والمراد: أنّه يجب عليك التذكير إذا كان نافعاً ،فإن لم يكن نافعاً فلا يجب .
وقيل: «إن »:في الآيةليست شرطية ،وجاءت بمعنى ( قد ) للتأكيد والتحقيق ،فيكون مراد الآية: ( ذكر فإنّ الذكرى مفيدة ونافعة ) .
ويبدو لنا أنّ التّفسير الأوّل مرجح على بقية التّفاسير الثّلاث ،بقرينة سلوك النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) في نشره الإسلام ،تبليغه الحق ،فإنّه كان يعظ وينذر الجميع .