قوله تعالى: ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما )قال الشيخ الشنقيطي: ذكر في هذه الآية الكريمة أنه تعالى لا يغفر الإشراك به وأنه يغفر غير ذلك لمن يشاء وأن من أشرك به فقد افترى إثما عظيما .وذكر في مواضع
أخر أن محل كونه لا يغفر الإشراك به إذا لم يتب المشرك من ذلك فإن تاب غفر له كقوله ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا ) الآية فإن الاستثناء راجع لقوله ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) وما عطف عليه لأن معنى الكل جمع في قوله ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) الآية وقوله ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) وذكر في موضع آخر أن من أشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا عن الحق وهو قوله في هذه السورة الكريمة أيضا ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ) وصرح بأن من أشرك بالله فالجنة عليه حرام ومأواه النار بقوله ( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ) وقوله ( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين ) .
قال البخاري: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم -ومعاذ رديفه على الرحل
قال:"يا معاذ بن جبل ".قال: لبيك يا رسول الله وسعديك .قال:"يا معاذ "
قال: لبيك يا رسول الله وسعديك ( ثلاثا ) .قال:"ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار "،
قال: يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟قال:"إذا يتكلوا ".وأخبر بها معاذ عند موته تآثمأ .
وقال البخاري: حدثنا مسدد قال حدثنا معتمر قال سمعت أبي قال سمعت أنسا قال: ذكر لي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة "
قال: ألا أبشر الناس ؟قال: «لا ؛ إني أخاف أن يتكلوا
( الصحيح 1/272 و274 ح 128 ، 129- ك العلم ،ب من خص بالعلم قوما دون قوم ...) .
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ..حدثنا وكيع .حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد ،عن أبي ذر .قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . "يقول الله عز وجل:من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد .ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها
أو أغفر .ومن تقرب مني شبرا ،تقربت منه ذراعا .ومن تقرب مني ذراعا ، تقربت منه باعا .ومن أتاني يمشي ،أتيته هرولة .ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا ،لقيته بمثلها مغفرة .
( الصحيح 4/2068 ح 2687- ك الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ،ب فضل الذكر والدعاء ،والتقرب إلى الله تعالى ) .
قال البخاري: حدثنا أبو معمر ،حدثنا عبد الوارث ،عن الحسين ،عن عبد الله بن بريدة ،عن يحيى بن يعمر حدثه ،أن أبا الأسود الديلي حدثه ،أن أبا ذر رضي الله عنه حدثه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم ،ثم أتيته وقد استيقظ ،فقال:"ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ".قلت: وإن زنى وإن سرق ؟قال:"وإن زنى وإن سرق ".قلت: وإن زنى وإن سرق ؟قال:"وإن زنى وإن سرق ".قلت: وإن زنى وإن سرق ؟قال:"وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر".وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال: وإن رغم أنف أبي ذر .
قال أبو عبد الله: هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال: لا إله إلا الله ،غفر له .
( الصحيح 10/283( الفتح ح رقم 5827 ) - ك اللباس ،ب الثياب البيض ) .وأخرجه مسلم ( الصحيح 1/95ح 154- ك الإيمان ،ب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ...) .
قال النسائي: أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا صفوان بن عيسى ،عن ثور ،عن أبي عون عن أبي إدريس قال: سمعت معاوية يخطب - وكان قليل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-قال سمعته يخطب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لكل ذنب عسى الله أن يغفره ،إلا الرجل يقتل المؤمن متعمدا ،أو الرجل يموت كافرا ".
( السنن 7/ 81 تحريم الدم ) .وأخرجه أحمد ( المسند 4/99 ) عن صفوان بن عيسى به .والحاكم ( المستدرك 4/351 ) من طريق بن قتيبة عن صفوان ،عن ثور به .قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي .وصححه الألباني ( صحيح النسائي ح 3719 ) .
وللحديث شواهد ،منها: عن أبي الدرداء ،أخرجه ابن حبان ( الإحسان 13/318ح 5980 ) .والحاكم ( المستدرك 4/ 51 3 ) وغيرهما من طرق عن عبد الله بن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ،وفيه: "...إلا من مات مشركا «قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ،ووافقه الذهبي ) وأخرج البزار: حديث عبادة بن الصامت نحوه ( المسند 7/163 ح 2730 ) وقال الهيثمي: رجاله ثقات ( مجمع الزوائد 7/296 ) .
وانظر حديث مسلم عن جابر الآتي عند الآية 90 من سورة النمل .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: ) إن الله لا يغفر أن يشرك به ) فحرم الله المغفرة على من مات وهو كافر ،وأرجاها أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة .