ثم أخبر تعالى:أنه ( لا يغفر أن يشرك به ) أي:لا يغفر لعبد لقيه وهو مشرك به ( ويغفر ما دون ذلك ) أي:من الذنوب ( لمن يشاء ) أي:من عباده .
وقد وردت أحاديث متعلقة بهذه الآية الكريمة ، فلنذكر منها ما تيسر:
الحديث الأول:قال الإمام أحمد:حدثنا يزيد ، أخبرنا صدقة بن موسى ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن يزيد بن بابنوس عن عائشة قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الدواوين عند الله ثلاثة ; ديوان لا يعبأ الله به شيئا ، وديوان لا يترك الله منه شيئا ، وديوان لا يغفره الله . فأما الديوان الذي لا يغفره الله ، فالشرك بالله ، قال الله عز وجل:( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ) [ المائدة:72] وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا ، فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه ، من صوم يوم تركه ، أو صلاة تركها ; فإن الله يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء . وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا ، فظلم العباد بعضهم بعضا ; القصاص لا محالة ".
تفرد به أحمد .
الحديث الثاني:قال الحافظ أبو بكر البزار في:حدثنا أحمد بن مالك ، حدثنا زائدة بن أبي الرقاد ، عن زياد النميري ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الظلم ثلاثة ، فظلم لا يغفره الله ، وظلم يغفره الله ، وظلم لا يتركه الله:فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك ، وقال ( إن الشرك لظلم عظيم ) [ لقمان:13] وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم العباد لأنفسهم فيما بينهم وبين ربهم ، وأما الظلم الذي لا يتركه فظلم العباد بعضهم بعضا ، حتى يدين لبعضهم من بعض ".
الحديث الثالث:قال الإمام أحمد:حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا ثور بن يزيد ، عن أبي عون ، عن أبي إدريس قال:سمعت معاوية يقول:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كل ذنب عسى الله أن يغفره ، إلا الرجل يموت كافرا ، أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا ".
رواه النسائي ، عن محمد بن مثنى ، عن صفوان بن عيسى ، به .
الحديث الرابع:قال الإمام أحمد:حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا عبد الحميد ، حدثنا شهر ، حدثنا ابن غنم أن أبا ذر حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله يقول:يا عبدي ، ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك ، يا عبدي ، إنك إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة ما لم تشرك بي ، لقيتك بقرابها مغفرة ".
تفرد به أحمد من هذا الوجه .
الحديث الخامس:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الصمد ، حدثنا أبي ، حدثنا حسين ، عن ابن بريدة أن يحيى بن يعمر حدثه ، أن أبا الأسود الديلي حدثه ، أن أبا ذر حدثه قال:أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ما من عبد قال:لا إله إلا الله . ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة "قلت:وإن زنى وإن سرق ؟ قال:"وإن زنى وإن سرق "قلت:وإن زنى وإن سرق ؟ قال:"وإن زنى وإن سرق ". ثلاثا ، ثم قال في الرابعة:"على رغم أنف أبي ذر "! قال:فخرج أبو ذر وهو يجر إزاره وهو يقول:وإن رغم أنف أبي ذر ". وكان أبو ذر يحدث بهذا بعد ويقول:وإن رغم أنف أبي ذر .
أخرجاه من حديث حسين ، به .
طريق أخرى عنه:قال [ الإمام] أحمد:حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر قال:"كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة عشاء ، ونحن ننظر إلى أحد ، فقال:"يا أبا ذر ". فقلت:لبيك يا رسول الله ، [ قال] ما أحب أن لي أحدا ذاك عندي ذهبا أمسي ثالثة وعندي منه دينار ، إلا دينارا أرصده - يعني لدين - إلا أن أقول به في عباد الله هكذا ". وحثا عن يمينه وبين يديه وعن يساره . قال:ثم مشينا فقال:"يا أبا ذر ، إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ". فحثا عن يمينه ومن بين يديه وعن يساره . قال:ثم مشينا فقال:"يا أبا ذر ، كما أنت حتى آتيك ". قال:فانطلق حتى توارى عني . قال:فسمعت لغطا فقلت:لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض له . قال فهممت أن أتبعه ، ثم ذكرت قوله:"لا تبرح حتى آتيك "فانتظرته حتى جاء ، فذكرت له الذي سمعت ، فقال:"ذاك جبريل أتاني فقال:من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ". قلت:وإن زنى وإن سرق ؟ قال:"وإن زنى وإن سرق ".
أخرجاه في الصحيحين من حديث الأعمش ، به .
وقد رواه البخاري ومسلم أيضا كلاهما ، عن قتيبة ، عن جرير بن عبد الحميد ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر قال:خرجت ليلة من الليالي ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده ، ليس معه إنسان ، قال:فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد . قال:فجعلت أمشي في ظل القمر ، فالتفت فرآني ، فقال:"من هذا ؟ "فقلت:أبو ذر ، جعلني الله فداك . قال:"يا أبا ذر ، تعال ". قال:فمشيت معه ساعة فقال:"إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرا فنفح فيه عن يمينه وشماله ، وبين يديه وورائه ، وعمل فيه خيرا ". قال:فمشيت معه ساعة فقال لي:"اجلس هاهنا "، قال:فأجلسني في قاع حوله حجارة ، فقال لي:"اجلس هاهنا حتى أرجع إليك ". قال:فانطلق في الحرة حتى لا أراه ، فلبث عني فأطال اللبث ، ثم إني سمعته وهو مقبل ، وهو يقول:"وإن سرق وإن زنى ". قال:فلما جاء لم أصبر حتى قلت:يا نبي الله ، جعلني الله فداءك ، من تكلم في جانب الحرة ؟ ما سمعت أحدا يرجع إليك شيئا . قال:"ذاك جبريل ، عرض لي من جانب الحرة فقال:بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة . قلت:يا جبريل ، وإن سرق وإن زنى ؟ قال:نعم قلت:وإن سرق وإن زنى ؟ قال:نعم . قلت:وإن سرق وإن زنى ؟ قال:نعم ، وإن شرب الخمر ".
الحديث السادس:قال عبد بن حميد في:أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال:جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله ، ما الموجبتان ؟ قال:"من مات لا يشرك بالله شيئا وجبت له الجنة ، ومن مات يشرك بالله شيئا وجبت له النار ". وذكر تمام الحديث . تفرد به من هذا الوجه .
طريق أخرى:قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن عمرو بن خلاد الحراني ، حدثنا منصور بن إسماعيل القرشي ، حدثنا موسى بن عبيدة ، الربذي ، أخبر عبد الله بن عبيدة ، عن جابر بن عبد الله قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما من نفس تموت ، لا تشرك بالله شيئا ، إلا حلت لها المغفرة ، إن شاء الله عذبها ، وإن شاء غفر لها:( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .
ورواه الحافظ أبو يعلى في ، من حديث موسى بن عبيدة ، عن أخيه عبد الله بن عبيدة ، عن جابر ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تزال المغفرة على العبد ما لم يقع الحجاب ". قيل:يا نبي الله ، وما الحجاب ؟ قال:"الإشراك بالله ". قال:"ما من نفس تلقى الله لا تشرك به شيئا إلا حلت لها المغفرة من الله تعالى ، إن يشأ أن يعذبها ، وإن يشأ أن يغفر لها غفر لها ". ثم قرأ نبي الله:( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .
الحديث السابع:قال الإمام أحمد:حدثنا أبو نعيم ، حدثنا زكريا ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ".
تفرد به من هذا الوجه .
الحديث الثامن:قال الإمام أحمد:حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو قبيل ، عن عبد الله بن ناشر من بني سريع قال:سمعت أبا رهم قاص أهل الشام يقول:سمعت أبا أيوب الأنصاري يقول:إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم إليهم ، فقال لهم:"إن ربكم ، عز وجل ، خيرني بين سبعين ألفا يدخلون الجنة عفوا بغير حساب ، وبين الخبيئة عنده لأمتي ". فقال له بعض أصحابه:يا رسول الله ، أيخبئ ذلك ربك ؟ فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج وهو يكبر ، فقال:"إن ربي زادني مع كل ألف سبعين ألفا والخبيئة عنده "قال أبو رهم:يا أبا أيوب ، وما تظن خبيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأكله الناس بأفواههم فقالوا:وما أنت وخبيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! فقال أبو أيوب:دعوا الرجل عنكم ، أخبركم عن خبيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أظن ، بل كالمستيقن . إن خبيئة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول:من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله مصدقا لسانه قلبه أدخله الجنة ".
الحديث التاسع:قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا المؤمل بن الفضل الحراني ، حدثنا عيسى بن يونس ( ح ) وأخبرنا هاشم بن القاسم الحراني - فيما كتب إلي - قال:حدثنا عيسى بن يونس نفسه ، عن واصل بن السائب الرقاشي ، عن أبي سورة ابن أخي أبي أيوب ، عن أبي أيوب الأنصاري قال:جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام . قال:"وما دينه ؟ "قال:يصلي ويوحد الله تعالى . قال "استوهب منه دينه ، فإن أبى فابتعه منه ". فطلب الرجل ذاك منه فأبى عليه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال:وجدته شحيحا في دينه . قال:فنزلت:( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) .
الحديث العاشر:قال الحافظ أبو يعلى:حدثنا عمرو بن الضحاك ، حدثنا أبي ، حدثنا مستور أبو همام الهنائي ، حدثنا ثابت عن أنس قال:جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:يا رسول الله ، ما تركت حاجة ولا ذا حاجة إلا قد أتيت . قال:"أليس تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ؟ "ثلاث مرات . قال:نعم . قال:"فإن ذلك يأتي على ذلك كله ".
الحديث الحادي عشر:قال الإمام أحمد:حدثنا أبو عامر ، حدثنا عكرمة بن عمار ، عن ضمضم بن جوس اليمامي قال:قال لي أبو هريرة:يا يمامي لا تقولن لرجل:والله لا يغفر الله لك . أو لا يدخلك الجنة أبدا . قلت:يا أبا هريرة إن هذه كلمة يقولها أحدنا لأخيه وصاحبه إذا غضب قال:لا تقلها ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كان في بني إسرائيل رجلان كان أحدهما مجتهدا في العبادة ، وكان الآخر مسرفا على نفسه ، وكانا متآخيين وكان المجتهد لا يزال يرى الآخر على ذنب ، فيقول:يا هذا أقصر . فيقول:خلني وربي ! أبعثت علي رقيبا ؟ قال:إلى أن رآه يوما على ذنب استعظمه ، فقال له:ويحك ! أقصر ! قال:خلني وربي ! أبعثت علي رقيبا ؟ فقال:والله لا يغفر الله لك - أو لا يدخلك الجنة أبدا - قال:فبعث الله إليهما ملكا فقبض أرواحهما واجتمعا عنده ، فقال للمذنب:اذهب فادخل الجنة برحمتي . وقال للآخر:أكنت بي عالما ؟ أكنت على ما في يدي قادرا ؟ اذهبوا به إلى النار . قال:فوالذي نفس أبي القاسم بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته ".
ورواه أبو داود ، من حديث عكرمة بن عمار ، حدثني ضمضم بن جوس ، به .
الحديث الثاني عشر:قال الطبراني:حدثنا أبو شيخ عن محمد بن الحسن بن عجلان الأصبهاني ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"قال الله عز وجل:من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي ، ما لم يشرك بي شيئا ".
الحديث الثالث عشر:قال الحافظ أبو بكر البزار والحافظ أبو يعلى [ الموصلي] حدثنا هدبة - هو ابن خالد - حدثنا سهيل بن أبي حزم ، عن ثابت ، عن أنس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من وعده الله على عمل ثوابا فهو منجزه له ، ومن توعده على عمل عقابا فهو فيه بالخيار ". تفردا به .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا بحر بن نصر الخولاني ، حدثنا خالد - يعني ابن عبد الرحمن الخراساني - حدثنا الهيثم بن جماز عن سلام بن أبي مطيع ، عن بكر بن عبد الله المزني ، عن ابن عمر قال:كنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل النفس ، وآكل مال اليتيم ، وقاذف المحصنات ، وشاهد الزور ، حتى نزلت هذه الآية:( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) فأمسك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة .
ورواه ابن جرير من حديث الهيثم بن حماد به .
وقال ابن أبي حاتم أيضا:حدثنا عبد الملك بن أبي عبد الرحمن المقري حدثنا عبد الله بن عاصم ، حدثنا صالح - يعني المري أبو بشر - عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال:كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في الكتاب ، حتى نزلت علينا هذه الآية:( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) قال:فلما سمعناها كففنا عن الشهادة ، وأرجينا الأمور إلى الله ، عز وجل .
وقال البزار:حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا شيبان بن أبي شيبة ، حدثنا حرب بن سريج ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر [ رضي الله عنهما] قال:كنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر ، حتى سمعنا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول:( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) وقال:"أخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة ".
وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، أخبرني مجبر ، عن عبد الله بن عمر أنه قال:لما نزلت:( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ) [ إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم] ) [ الزمر:53] ، قام رجل فقال:والشرك بالله يا نبي الله ؟ فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما )
رواه ابن جرير . وقد رواه ابن مردويه من طرق عن ابن عمر .
وهذه الآية التي في سورة "تنزيل "مشروطة بالتوبة ، فمن تاب من أي ذنب وإن تكرر منه تاب الله عليه ; ولهذا قال:( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) [ الزمر:53] أي:بشرط التوبة ، ولو لم يكن كذلك لدخل الشرك فيه ، ولا يصح ذلك ، لأنه تعالى ، قد حكم هاهنا بأنه لا يغفر الشرك ، وحكم بأنه يغفر ما عداه لمن يشاء ، أي:وإن لم يتب صاحبه ، فهذه أرجى من تلك من هذا الوجه ، والله أعلم .
وقوله:( ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ) كقوله ( إن الشرك لظلم عظيم ) [ لقمان:13] ، وثبت في الصحيحين ، عن ابن مسعود أنه قال:قلت:يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ؟ قال:"أن تجعل لله ندا وهو خلقك . . . "وذكر تمام الحديث .
وقال ابن مردويه:حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد ، حدثنا أحمد بن عمرو ، حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا معن ، حدثنا سعيد بن بشير حدثنا قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ; أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قال:"أخبركم بأكبر الكبائر:الشرك بالله "ثم قرأ:( ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ) وعقوق الوالدين ". ثم قرأ:( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) .