قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً 48} .
ذكر في هذه الآية الكريمة أنه تعالى لا يغفر الإشراك به وأنه يغفر غير ذلك لمن يشاء وأن من أشرك به فقد افترى إثمًا عظيمًا .
وذكر في مواضع أُخر: أن محل كونه لا يغفر الإشراك به إذا لم يتب المشرك من ذلك ،فإن تاب غفر له كقوله:{إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً} الآية ،فإن الاستثناء راجع لقوله:{وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا آخَرَ} ،وما عطف عليه ؛لأن معنى الكل جُمع في قوله:{وَمَن يَفْعَلْ ذَلكَ يَلْقَ أَثَاماً 68}الآية .وقوله:{قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} .وذكر في موضع آخر: أن من أشرك باللَّه قد ضلّ ضلالاً بعيدًا عن الحق ،وهو قوله في هذه السورة الكريمة أيضًا:{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً بعيدا 116} ،وصرّح بأن من أشرك باللَّه فالجنة عليه حرام ومأواه النار بقوله:{إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} ،وقوله:{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الكافرين 50} .
وذكر في موضع آخر أن المشرك لا يرجى له خلاص ،وهو قوله:{وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرّيحُ في مَكَانٍ سَحِيقٍ 31} ،وصرّح في موضع آخر: بأن الإشراك ظلم عظيم بقوله عن لقمان مقررًا له:{إِنَّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ 13} .
وذكر في موضع آخر أن الأمن التام والاهتداء ،إنما هما لمن لم يلبس إيمانه بشرك ،وهو قوله:{الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ 82} ،وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أن معنى بظلم بشرك .