قوله تعالى:{أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} .
لم يبيّن هنا كيفية لعنه لأصحاب السبت ،ولكنه بيّن في غير هذا الموضع أن لعنه لهم هو مسخهم قردة ومن مسخه اللَّه قردًا غضبًا عليه ملعون بلا شك ،وذلك قوله تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ في السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} ،وقوله:{فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ 166} ،والاستدلال على مغايرة اللعن للمسخ بعطفه عليه في قوله:{قُلْ هَلْ أُنَبّئُكُمْ بِشَرّ مّن ذَلكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} ،لا يفيد أكثر من مغايرته للمسخ في تلك الآية ،كما قاله الألوسي في «تفسيره » وهو ظاهر واللعنة في اللغة: الطرد والإبعاد ،والرجل الذي طرده قومه وأبعدوه لجناياته تقول له العرب رجل لعين ،ومنه قول الشاعر:
ذعرت به القطا ونفيت عنه *** مقام الذئب كالرجل اللعين
وفي اصطلاح الشرع: اللعنة: الطرد والإبعاد عن رحمة اللَّه ،ومعلوم أن المسخ من أكبر أنواع الطرد والإبعاد .