قوله تعالى:{وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما يمكرون} إذا الأولى شرطية ،والثانية فجائية .والمعنى: أن الله إذا رزق هؤلاء المشركين فرحا بعد كرب ،أو رخاء بعد شدة ،أو مطرا بعد قحط وجدب{إذا لهم مكر في آياتنا} أي استهزاء وتكذيب ؛فلم يشكروا نعمة ربهم بل نسبوها إلى أصنامهم أو إلى أنواء الكواكب ،كأن يقولوا: مطرنا بنوء كذا من الكواكب{[1957]} .
قوله:{قل الله أسرع مكرا} المكر في اللغة بمعنى الخديعة .والمكر من الله معناه الاستدراج ،أو الجزاء على المكر .مكر الله بالعاصي ؛أي جازاه على مكره .أو أمهله ومكنه في الدنيا .وفي الآية:{ومكروا ومكر الله}{[1958]} والمعنى: أن الله أشرع عقابا لكم وتنكيلا بكم ؛إذ دبر لكم العقاب قبل أن تدبروا أنتم كيدكم .
قوله:{إن رسلنا يكتبون ما تمكرون} المراد برسل الله هنا: الحفظة الذين يكتبون أفعال العباد فيحصونها عليهم سواء فيها الكبير والحقير والنقير .فما من شيء إلا ويجده العبد يوم القيامة مكتوبا .والمعنى: أن الله يرسل إليكم الملائكة الحفظة ليكتبوا ما تمكرون في آيات الله من تكذيب واستهزاء وكيد وسوء فعال ونية{[1959]} .