{مَّكْرٌ}: حيلة .
إنما بغي الناس على أنفسهم
ويعود الحديث إلى هذه الظاهرة الإنسانيّة التي تمثل الإنسان الذي يأخذه الخوف من البلاء ،فيضرع إلى الله في حال الشدّة ،ويعاهده على الإخلاص له بعد الخلاص منها ،فإذا أنجاه الله منها عاد إلى ما كان عليه ،وربما ازداد تمرّداً من خلال ما يستوحيه من قدرته على اللعب بأسلوب الخديعة والاحتيال .وتنطلق هذه الآيات لتوحي لهذا الإنسان بأنه لا يضر الله في ما يفعل ،وإنما يضر نفسه ،لأن الله قد تقتضي حكمته إمهال الإنسان في هذه الدنيا ،ولكن الدنيا لا تمثل كل شيءٍ في حسابات المصير ،فهناك الآخرة التي هي ساحة الاستقرار والخلود ،حيث ينتظره العذاب الأليم جزاء مكره وطغيانه .
مكر الناس بعد رحمة الله
{وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِي آياتِنَا} فيبادرون إلى استعمال الحيلة في مواجهة آيات الله ووحيه بالأساليب الملتوية التي تعطل دورها في الحياة وتعمل على إثارة الشك والريب فيها ،لئلا ينطلق الناس معها في عملية إيمان ووعيٍ .
{قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا} في ما يدبّر لهم من نتائج خفيّة تعطل مكرهم وترجعه إليهم ليذوقوا وبال أمرهم عذاباً وخزياً في الدنيا والآخرة{إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} فيحصون عليكم كل شيءٍ تُضمرونه أو تظهرونه ،ليكون الحساب دقيقاً يوم القيامة ،فتكون المفاجأة التي تثير فيكم كل ألوان اليأس والقنوط عندما تشعرون بأنكم لا تملكون هروباً ولا خلاصاً .