قوله تعالى:{ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسيرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور} .
نزلت في الأخنس بن شريق ،وكان رجلا حلو الكلام ،حلو المنظر يقلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يحب ويطوي بقلبه ما يكره .وقيل: كان يجالس النبي صلى الله عليه وسلم يظهر له أمرا يسره ويضمر في قلبه خلاف ما يظهر .فأنزل الله:{ألا إنهم يثنون صدورهم} أي يكمنون ما في صدورهم من العداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم{[2052]} .
وقيل: نزلت في بعض المنافقين ،كان إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وظهره وطأطأ رأسه وغطى وجهه ،لكيلا يراه النبي صلى الله عليه وسلم فيدعوه إلى الإيمان .
وقيل: قال منافقون: إذا غلقنا أبوابنا ،واستغشينا ثيابنا ،وثنينا صدورنا على عداوة محمد فمن يعلم بنا ؟فنزلت الآية{[2053]} .
قوله:{ألا إنهم يثنون صدورهم ليسخفوا منه} ثنى صدره عن الشيء إذا ازور{[2054]} عنه وانحرف ،ويثنون صدورهم ؛أي يزورون عن الحق وينحرفون عنه .وذلك كناية عن الإعراض عن دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم{ليسخفوا منه} أي ليتواروا عن الله أو عن رسوله .
وقيل:{يثنون صدورهم} يعني يطوونها على عداوة المسلمين .قال ابن عباس: يخفون ما في صدورهم من الشحناء والعداوة ويظهرون خلافه .
قوله:{ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون} ألا حين يغطون رؤوسهم بثيابهم في ظلمة الليل وهم في أجواف بيوتهم لا جرم انه يعلم في تلك الساعة ما يسونه في قلوبهم وما يعلنونه بأفواههم .يستوي ذلك كله عند الله{إنه عليم بذات الصور} وذلك تسفيه للمنافقين الضالين الماكرين الذين يطنون أنهم مستخفون عن الله بما يستسرونه في قلوبهم من الحقد والكيد والكراهية للإسلام ورسوله ؛فالله علم بأسرارهم وما تخفيه قلوبهم ،وهو سبحانه مطلع على أعمالهم وخباياهم ر يخفى عليه من ذلك شيء{[2055]} .