قال ابن عباس:كانوا يكرهون أن يستقبلوا السماء بفروجهم ، وحال وقاعهم ، فأنزل الله هذه الآية . رواه البخاري من حديث ابن جريج ، عن محمد بن عباد بن جعفر ; أن ابن عباس قرأ:"ألا إنهم تثنوني صدورهم "، فقلت:يا أبا عباس ، ما تثنوني صدورهم ؟ قال:الرجل كان يجامع امرأته فيستحيي - أو:يتخلى فيستحيي فنزلت:"ألا إنهم تثنوني صدورهم ".
وفي لفظ آخر له:قال ابن عباس:أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا ، فيفضوا إلى السماء ، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء ، فنزل ذلك فيهم .
ثم قال:حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عمرو قال:قرأ ابن عباس "ألا إنهم يثنوني صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم ".
قال البخاري:وقال غيره ، عن ابن عباس:( يستغشون ) يغطون رءوسهم .
وقال ابن عباس في رواية أخرى في تفسير هذه الآية:يعني به الشك في الله ، وعمل السيئات ، وكذا روي عن مجاهد ، والحسن ، وغيرهم:أي أنهم كانوا يثنون صدورهم إذا قالوا شيئا أو عملوه ، يظنون أنهم يستخفون من الله بذلك ، فأعلمهم الله تعالى أنهم حين يستغشون ثيابهم عند منامهم في ظلمة الليل ، ( يعلم ما يسرون ) من القول:( وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور ) أي:يعلم ما تكن صدورهم من النيات والضمائر والسرائر . وما أحسن ما قال زهير بن أبي سلمى في معلقته المشهورة:
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم ليخفى ، فمهما يكتم الله يعلم يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر
ليوم حساب ، أو يعجل فينقم
فقد اعترف هذا الشاعر الجاهلي بوجود الصانع وعلمه بالجزئيات ، وبالمعاد وبالجزاء ، وبكتابة الأعمال في الصحف ليوم القيامة .
وقال عبد الله بن شداد:كان أحدهم إذا مر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثنى صدره ، وغطى رأسه فأنزل الله ذلك .
وعود الضمير على الله أولى; لقوله:( ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون ) .
وقرأ ابن عباس:"ألا إنهم تثنوني صدورهم "، برفع الصدور على الفاعلية ، وهو قريب المعنى .