{ ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور5} .
{ يثنون} فعله ثنى بمعنى طوى . وكلمة{ ألا} للتنبيه ، والمعنى:ألا إنهم يطوون صدورهم على عداوة وبغضاء وكراهية شديدة ، فأولئك الذين كانوا يعادون النبي ويزدرون عند سماع الحق وكأنه يكون منهم أمران:
أولهما:العداوة والبغضاء يطوون قلوبهم عليها وتدفعهم إلى عمل ما لا يجوز ويفتنون المؤمنين عن دينهم .
ثانيهما:الازورار عن الحق ازورارهم عما لا يحبون ، وانصراف صدورهم عنه ويريدون أن يستخفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم وينسون أن الله بكل شيء عليم .
ثم يبين سبحانه كمال إحاطة علمه فيقول:{ ألا حين يستغشون ثيابهم} ويريدون أن تكون غاشية لهم تلف إحساسهم ، أي أنه سبحانه يعلم ما يطوون عليه صدورهم وما يستخفون في حسهم وفي نومهم ، ولذا قال تعالى موضحا مؤكدا{ يعلم ما يسرون وما يعلنون} .
وأنه سبحانه يجازيهم بذلك الذي يطوون . ثم يقول سبحانه في بيان صفة علمه{ إنه عليم بذات الصدور} وهذا التعبير القرآني يبين دقة علم الله تعالى ، و( ذات ) هي الحقائق التي تلازم الصدور من خواطر خير وغيره ، ومن خلجات القلوب ومتا تخفي السرائر ، وكلمة( ذات ) بمعنى صاحبة أو متلازمة الصدور لا تخرج إلى الجهر والإعلان ، ولا تكون كذلك إذا خرجت من مكنونها إلى موضع الإعلان .
وإن ذكر هذا العلم الشامل المحيط بكل صغيرة وكبيرة ، لبيان أنهم يتحملون جزاءه سبحانه ، وهو جزاء ممن لا تخفى عليه خافية في السماء ولا في الأرض الذي يعلم ما تكن الأفئدة وتكسب الجوارح ويجازي كلا ما يستحق ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، وكل بما اكتسب رهين .
خالق الكون ومدبره