قوله: ( ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات ) وهذه أصناف أخرى مضافة يبينها الله في آياته ليمتن بها على عباده ؛فهو سبحانه ينبت للناس- بما أنزله من مطر- الزرع على اختلاف أنواعه .وقد بدأ به ( الزرع )؛لأنه عماد الأقوات للناس .وهو يستفاد منه الكلأ لتتغذى به الأنعام والدواب .ثم ذكر الزيتون ،هذه الشجرة المباركة التي تؤتي الزيت . وهو نعم الغذاء ونعم الدواء ؛إذ تستشفي به الأبدان من كثير من العلل والأسقام .ثم النخيل وهو ذو ثمر لذيذ مستطاب .وهو كثيرا ما يقتات به بعض الناس .وكذلك الأعناب ؛فإنها فاكهة طيبة ومطعوم مستلذ تشتهيه كل الأنفس .قوله: ( ومن كل الثمرات ) ( من ) للتبعيض أي وينبت لكم بعض كل الثمرات .لأن كل الثمرات لا يكون إلا في الجنة .أما في الدنيا: فقد أنبت الله فيها بعضا من أنعمه الكثيرة التي لا يعلم عدد أصنافها وأنواعها إلا هو سبحانه .
قوله: ( إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ) أي فيما بينه الله من وجوه النعم والخيرات التي خلقها للعباد لأكبر دليل على تفرد الله تعالى بالإلهية ،وعلى حقيقة الكمال في جلاله العظيم وهو ما تجلى في قدرته البالغة وعلمه المطلق وحكمته العليا ( لقوم يتفكرون ) أي للمتبصرين المدّكرين الذين يتدبرون الآيات ويتفكرون في خلق الله .أما اللاهية قلوبهم وعقولهم عن التبصرة والذكرى ،فلا تتفهم مثل هذه الآيات الواضحات البينات{[2502]} .